الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شهد بيع سلعة يعرف عيبَها وكتم البائع العيب

السؤال

أخي الكبير يتاجر بالسيارات، وكانت لديه سيارة فيها عيب كبير لا يُرى بالعين، وكنت على علم بهذا الأمر، وفي يوم رافقته للسوق لعرض السيارة للبيع، وقد أعجبت السيارة أحد الرجال، وترك العربون في حضوري، وتعمّد أخي عدم إظهار هذا العيب، ولم أتكلم أو أتدخل، وبعد مراجعة الموضوع مرة أخرى بيني وبين نفسي بعد عدة سنوات، جاءني شعور أني قد شاركت في خداع الرجل بسكوتي، أو قد تكون هذه شهادة زور، ولو كنت أعرف الرجل كنت سأعترف له، وأرضى بتعويضه إذا أراد، فماذا أفعله للتكفير عن الذنب؟ علمًا أن العيب قد يقلّل من قيمة السيارة بنسبة 20 %. ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما فعله أخوك من كتم العيب، غش محرم، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صبرة طعام, فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء -المطر- يا رسول الله، قال: ألا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش، فليس مني.

فدل الحديث على تحريم الغش، وكتمان العيوب في البيوع.

وكان عليك أن تنصح أخاك أولًا، وتبين له حرمة كتمان العيب.

فإن لم يفعل، فانصح المشتري وبيّن له العيب الخفي؛ أداءً لواجب النصح، ففي الصحيحين عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

وفي صحيح مسلم عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم".

فاستغفر الله تعالى على ترك هذا النصح.

وانصح أخاك بالتوبة مما فعله، والبحث عن المشتري ليتحلل منه ذلك الحق، فإن أبرأه وسامحه، وإلا بذل إليه أرش العيب (قيمته). وإن تعذر الوصول للمشتري، فليتصدق بذلك عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع فتاويه-: من باع مغشوشًا، لم يحرم عليه من الثمن إلا بقدر ثمن الغش، فعليه أن يعطيه لصاحبه، أو يتصدق به عنه، إن تعذر رده، مثل أن يبيع معيبًا مغشوشًا بعشرة، وقيمته لو كان سالمًا عشرة، وبالعيب قيمته ثمانية، فعليه إن عرف المشتري أن يدفع إليه الدرهمين، إن اختار، وإلا رد إليه المبيع، وإن لم يعرفه، تصدق عنه بالدرهمين. اهـ.

وانظر للفائدة، الفتاوى: 204232، 40634، 193725.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني