الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سرية عمرو بن العاص إلى ذات سلاسل

وهي من وراء وادي القرى.

سميت بماء بأرض جذام، يقال له السلسل، وقال السهيلي: ذات السلاسل، بضم السين الأولى وكسر السين الثانية; ماء بأرض جذام، به سميت الغزاة.

ثم سرية عمرو إلى ذات السلاسل، وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان. قال ابن سعد: قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف المدينة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص، وعقد له لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرسا وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي وعذرة وبلقين، فسار الليل وكمن النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح، في مائتين، وعقد له لواء، وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار وفيهم أبو بكر ، وعمر، وأمره أن يلحق بعمرو، وأن يكونا جميعا، ولا يختلفا، فلحق بعمرو، فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس، فقال عمرو: إنما قدمت علي مددا، وأنا الأمير، فأطاع له بذلك أبو عبيدة، فكان عمرو يصلي بالناس. وسار حتى وطئ بلاد بلي ودوخها ، حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عذرة وبلقين، ولقي في آخر ذلك جمعا، فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا. وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم.

وذكر ابن إسحاق نزولهم على ماء بجذام يقال له السلسل، قال: وبذلك سميت ذات السلاسل. [ ص: 215 ] أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف المزي بقراءة والدي عليه - رحمهما الله - قال: أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج الرصافي، قال أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن داود، عن عامر، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل، فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين، واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب، وقال لهما: تطاوعا. قال: فكان يؤمرون أن يغيروا على بكر، فانطلق عمرو وأغار على قضاعة، لأن بكرا أخواله، قال: فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعملك علينا، وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم، فليس لك معه أمر، فقال أبو عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع، فأنا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عصاه عمرو.

[ ص: 216 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية