الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الخبر عن وفاة أمه آمنة بنت وهب وحضانة أم أيمن له وكفالة عبد المطلب إياه

قال ابن إسحاق: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة وجده عبد المطلب في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا; لما يريد به من كرامته، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه آمنة بالأبواء بين مكة والمدينة.

قال أبو عمر بن عبد البر: وقيل ابن سبع سنين. قال: وقال محمد بن حبيب في "المحبر": توفيت أمه صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمان سنين. وقال: وتوفي جده عبد المطلب بعد ذلك بسنة وأحد عشر شهرا، سنة تسع من عام الفيل. وقيل: إنه توفي جده عبد المطلب وهو ابن ثمان سنين.

رجع إلى ابن إسحاق: قال: وكانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم، فماتت وهي راجعة إلى مكة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا بني فو الله إن له لشأنا، ثم يجلسه معه عليه، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع.

قرأت على أحمد بن محمد المقدسي الزاهد، أخبرك أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان ، عن محمد بن عبد الباقي ، عن أحمد بن الحسن، قال أبو إسحاق: وأخبرنا أحمد بن محمد بن [ ص: 100 ] علي بن صالح ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين، قالا: أخبرنا أبو علي بن شاذان ، أخبرنا ابن درستويه قال: أخبرنا يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو الحسن مهدي بن عيسى ، أخبرنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن داود بن أبي هند ، عن العباس بن عبد الرحمن ، عن كندير بن سعيد، عن أبيه قال: حججت في الجاهلية فبينا أنا أطوف بالبيت، إذا رجل يقول:


رد إلي راكبي محمدا اردده رب واصطنع عندي يدا

قال: قلت: من هذا؟ قال: عبد المطلب بن هاشم بعث ابن ابنه في إبل له ضلت، وما بعثه في شيء إلا جاء به، قال: فما برحت حتى جاء وجاء بالإبل معه. قال: فقال له: يا بني حزنت عليك حزنا لا يفارقني بعده أبدا.

قالوا: وكانت أم أيمن تحدث تقول: كنت أحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم فغفلت عنه يوما، فلم أدر إلا بعبد المطلب قائما على رأسي يقول: يا بركة! قلت لبيك. قال: أتدري أين وجدت ابني؟ قلت: لا أدري. قال: وجدته مع غلمان قريبا من السدرة. لا تغفلي عن ابني، فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة، وأنا لا آمن عليه منهم. وكان لا يأكل طعاما إلا قال علي بابني فيؤتى به إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية