الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وروينا حديث أبي فزارة ، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث ، حدثنا عبد الله بن مسعود ، قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن ، فليقم معي رجل منكم ، ولا يقم رجل في قلبه مثقال حبة خردل من كبر ، فقمت معه ، وأخذت إداوة فيها نبيذ ، فانطلقت معه فلما برز خط لي خطا وقال لي : لا تخرج منه فإنك إن خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة . قال : ثم انطلق فتوارى عني حتى لم أره ، فلما سطع الفجر أقبل ، فقال لي : أراك قائما . فقلت ما قعدت . فقال : ما عليك لو فعلت . قلت : خشيت أن أخرج منه . فقال : أما إنك لو خرجت منه لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة . هل معك وضوء ؟ قلت : لا ، فقال : ما هذه الإداوة ؟ قلت : [ ص: 237 ] فيها نبيذ . قال : تمرة طيبة وماء طهور . فتوضأ وأقام الصلاة ، فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع . فقال : ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكما ؟ قالا : بلى ، ولكن أحببنا أن يشهد بعضنا معك الصلاة . فقال : ممن أنتما ؟ قالا : من أهل نصيبين . فقال : أفلح هذان وأفلح قومهما ، وأمر لهما بالروث والعظم طعاما ولحما ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بعظم أو روثة .

رويناه من حديث قيس بن الربيع وهذا لفظه .

ومن حديث الثوري ، وإسرائيل ، وشريك ، والجراح بن مليح ، وأبي عميس كلهم عن أبي فزارة .

وغير طريق أبي فزارة ، عن أبي زيد لهذا الحديث أقوى منها ، للجهالة الواقعة في أبي زيد ، ولكن أصل الحديث مشهور عن ابن مسعود من طرق حسان متظافرة يشهد بعضها لبعض ويشد بعضها بعضا ، ولم يتفرد طريق أبي زيد إلا بما فيها من التوضؤ بنبيذ التمر ، وليس ذلك مقصودنا الآن . ويكفي من أمر الجن ما في سورة الرحمن ، وسورة قل أوحي إلي ، وسورة الأحقاف ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن ) الآيات .

[ ص: 238 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية