الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أخبرنا الإمام الزاهد أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن الواسطي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا المشايخ: أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادي ، وأبو نصر موسى بن عبد القادر الجيلي ، وأبو الفضل محمد بن محمد بن السباك، قال الأولان: أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن محمد بن البنا، وقال: الثاني: أخبرنا أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد الجبان، قال الأول: أخبرنا، وقال الثاني: أنبأنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن الذهبي ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد ، عن البراء بن عازب قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، خرج معه بأناس فرجعوا، قال: فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فقالت فرقة: نقتلهم، وقالت فرقة: لا نقتلهم، قال فنزلت: ( فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها طيبة، وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة. [ ص: 10 ]

وعن ابن إسحاق من غير طريق زياد ، عن الزهري، أن الأنصار يوم أحد قالوا: يا رسول الله، ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال: "لا حاجة لنا فيهم" .

قال: زياد، وحدثني محمد بن إسحاق قال: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة، فذب فرس بذنبه، فأصاب كلاب سيف واستله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الفأل ولا يعتاف: يا صاحب السيف شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم".

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "من رجل يخرج بنا على القوم من كثب - أي من قرب - من طريق لا يمر بنا عليهم؟ فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن الحارث: أنا يا رسول الله، فنفذ به في حرة بني حارثة، وبين أموالهم، حتى سلك في مال لمربع بن قيظي، وكان رجلا منافقا ضرير البصر، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثي في وجوههم التراب ويقول: إن كنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي، وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يديه ثم قال: والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها في وجهك، فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر" ، وقد بدر إليه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل، قبل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه بالقوس في رأسه فشجه.

ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد، في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال: "لا يقاتلن أحد حتى آمره بالقتال" وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال: أترعى زروع [ ص: 11 ] بني قيلة ولما تضارب؟ وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال، وهو في سبعمائة رجل، وأمر على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف، وهو معلم يومئذ بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا، فقال: "انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانك، لا نؤتين من قبلك" ، وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير أخي بني عبد الدار.

التالي السابق


الخدمات العلمية