الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 118 ] قال أبو الربيع: هكذا ذكر ابن إسحاق. وذكر الواقدي وغيره من حديث نفيسة; أن خديجة أرسلتها إليه دسيسا فدعته إلى تزويجها.

قلت: وقد روينا ذلك عن ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ، حدثنا موسى بن شيبة، عن عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع، عن نفيسة بنت منية، قالت: كانت خديجة بنت خويلد امرأة حازمة جلدة شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط نساء قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: يا محمد! ما يمنعك أن تزوج؟ قال: ما بيدي ما أتزوج به. قلت: فإن كفيت ذلك، ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة، ألا تجيب؟ قال: فمن هي؟ قلت: خديجة. قال: فكيف لي بذلك؟ قالت: قلت علي. قال: فأنا أفعل. فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت لساعة كذا وكذا، فأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها فحضر، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته، فزوجه أحدهم، فقال عمرو بن أسد: هذا الفحل لا يقدع أنفه. وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة، وهي يومئذ بنت أربعين سنة، ولدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة.

وذكر ابن إسحاق أن أباها خويلد بن أسد هو الذي أنكحها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكذلك وجدته عن الزهري وفيه: وكان خويلد أبوها سكران من الخمر، فلما كلم في ذلك أنكحها، فألقت عليه خديجة حلة وضمخته بخلوق، فلما صحا من سكره قال: ما هذه الحلة والطيب؟ فقيل له: أنكحت محمدا خديجة، وقد ابتنى بها. فأنكر ذلك ثم رضيه وأمضاه.

[ ص: 119 ] وقال محمد بن عمر: الثبت عندنا المحفوظ من أهل العلم أن أباها خويلد بن أسد مات قبل الفجار وأن عمها عمرو بن أسد زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورأيت ذلك عن غير الواقدي. وقد قيل: إن أخاها عمرو بن خويلد هو الذي أنكحها منه، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية