الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقرأت على عبد الله بن محمد بن أبي الفتح الحنبلي الصوري ، وأبي النور إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي، قلت للأول: أخبرك أبو البركات بن ملاعب، والثاني: أخبركم أبو نصر موسى بن عبد القادر قالا: أخبرنا سعيد بن البنا ، أخبرنا أبو القاسم بن البسري ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا يحيى - يعني ابن صاعد - ، حدثنا عبد الله بن محمد بن المسور ، حدثنا سفيان أخبرنا كوفي لنا، قال: أخبرنا محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعلمت أن الله أحيا أباك، فقال له: تمنه، فقال: أرد إلى الدنيا فأقتل، فقال: قد قضيت أنهم إلى الدنيا لا يرجعون".

كذا وقع في هذه الرواية عن سفيان، قال: أخبرنا كوفي لنا، أخبرنا محمد بن يحيى، وكأنه تصحيف، ولعل الصواب فيه: حدثنا سفيان، أخبرنا كوفي لنا محمد بن علي ، عن ابن عقيل، وهو محمد بن علي بن ربيعة السلمي أبو عتاب الكوفي ابن عم منصور بن المعتمر، وأخوه لأمه، رأى ربعي بن حراش، روى عن ابن عقيل وغيره، وروى عنه سفيان بن عيينة وغيره، وثقه يحيى بن معين، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هو من الشيعة، قلت: ما حاله؟ قال: صدوق، لا بأس به، صالح الحديث، ووقع في ترجمته وهم عن ابن أبي حاتم، تبع فيه البخاري على عادته، نبه عليه أبو بكر الخطيب، وقد أثبته هناك، وكذا ذكر هذا الخبر أبو عمر بن عبد البر، قال: وروى ابن عيينة ، عن محمد بن علي السلمي، [ ص: 36 ] عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر، فذكره.

ويومئذ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النوح، قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الواحد بن أبي عون ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نعوا لها، قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، هو بحمد الله تعالى كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه؟ قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل - تريد صغيرة .

وكان لطلحة بن عبيد الله يومئذ المقام المحمود في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الزبير وغيره: وأبلى طلحة بلاء حسنا يوم أحد، ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، واتقى عنه النبل بيده، حتى شلت أصبعه، وضرب الضربة في رأسه، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره، حتى استقل على الصخرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوجب طلحة" .

وقرأت على أبي الفتح يوسف بن يعقوب الشيباني بسفح قاسيون، أخبرتكم أم الفضل زينب بنت محمد بن أحمد بن عقيل القيسية قراءة عليها وأنت تسمع سنة ست وستمائة قالت: أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي ، حدثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي ، حدثنا معاوية بن عمرو ، عن أبي إسحاق - يعني الفزاري - ، عن حميد ، عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال أهل بدر، فقال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين، أما والله لئن أشهدني الله قتالا ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد، انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - [ ص: 37 ] لأصحابه - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون، ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أين يا سعد؟ واها لريح الجنة، والله إني لأجد ريحها دون أحد، قال سعد: فما استطعت أصنع ما صنع، مضى حتى استشهد قال: قال أنس: ما عرفته إلا ببنانه، لأنه مثل به، وجدنا فيه بضعة وثمانين أثرا من بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ورمية بالسهم، فكنا، نتحدث أن فيه وفي أصحابه نزلت: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) .

وروينا عن ابن إسحاق ، عن حميد الطويل ، عن أنس قال: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ، سبعين ضربة، فما عرفته إلا أخته، عرفته ببنانه.

التالي السابق


الخدمات العلمية