الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أحاديث الهجرة وتوديع رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة

قرأت على أبي حفص عمر بن عبد المنعم بعربيل من غوطة دمشق ، أخبركم أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري حضورا في الرابعة ، أخبرنا أبو الحسن السلمي ، أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب الخطيب ، قال : أخبرنا ابن جميع ، حدثنا إبراهيم بن معاوية ، حدثنا عبد الله بن سليمان ، حدثنا نصر بن عاصم ، حدثنا الوليد ، حدثنا طلحة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والله إني لأخرج منك ، وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله ، وأكرمها على الله ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت منك" .

وكان أبو بكر يستأذنه عليه الصلاة والسلام في الهجرة فيثبطه ليكون معه من غير أن يصرح له بذلك ؛ كما أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المقدسي بقراءة والدي عليه وأنا حاضر في الرابعة ، وأبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن بقراءتي عليه بظاهر دمشق ، قالا : أخبرنا ابن ملاعب ، أخبرنا الأرموي ، قال : أخبرنا يوسف بن محمد بن أحمد ، أخبرنا أبو عمر بن مهدي ، أخبرنا ابن مخلد ، حدثنا ابن كرامة ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن أبو بكر في الخروج من مكة حين اشتد عليه الأذى ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقم . فقال : يا رسول الله ! أتطمع أن يؤذن لك ؟ فيقول : إني لأرجو ذلك . فانتظره أبو بكر ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ظهرا ، فناداه ، فقال : أخرج من عندك . فقال : يا رسول الله إنما هنا ابنتاي . قال : أشعرت أنه قد أذن لي في الخروج ؟ فقال : يا رسول الله ! الصحبة . فقال : الصحبة .

قال : يا رسول الله ! عندي ناقتان قد أعددتهما للخروج ، فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم إحداهما [ ص: 297 ] - وهي الجدعاء - فركبها ، فانطلقا حتى أتيا الغار ، وهو بثور ، فتواريا فيه ، وكان عامر بن فهيرة غلاما لعبد الله بن الطفيل ، وهو أخو عائشة لأمها ، وكانت لأبي بكر منحة فكان يروح بها ويغدو عليها ، ويصبح فيدلج إليهم ، ثم يسرح ولا يفطن له أحد من الرعاء ، فلما خرجا خرج معهما يعقبانه ، حتى قدم المدينة ، فقتل عامر بن فهيرة يوم بئر معونة
.

التالي السابق


الخدمات العلمية