الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 64 ] وكثيرا ما يقع الظلم من الولاة والرعية : هؤلاء يأخذون ما يحل ، وهؤلاء يمنعون ما يجب ، كما قد يتظالم الجند والفلاحون ، وكما قد يترك بعض الناس من الجهاد ما يجب ، ويكنزه الولاة من مال الله ، مما لا يحل كنزه ، وكذلك العقوبات على أداء الأموال ، فإنه قد يترك منها ما يباح أو يجب ، وقد يفعل ما لا يحل .
والأصل في ذلك : أن كل من عليه مال يجب أداؤه ، كرجل عنده وديعة ، أو مضارة ، أو شركة ، أو مال لموكله ، أو مال يتيم ، أو مال وقف ، أو مال لبيت المال ، أو عنده دين ، هو قادر على أدائه ، فإنه إذا nindex.php?page=treesubj&link=7681_7682امتنع من أداء الحق الواجب من عين أو دين ، وعرف أنه قادر على أدائه ، فإنه يستحق العقوبة ، حتى يظهر المال أو يدل على موضعه فإذا عرف المال ، وصير في الحبس فإنه يستوفي الحق من المال ، ولا حاجة إلى ضربه به ، وإن امتنع من الدلالة على مال ومن الإيفاء ، ضرب حتى يؤدي الحق أو يمكن من أدائه ، وكذلك لو امتنع من أداء النفقة الواجبة عليه مع القدرة عليها ; لما روى عمر بن الشريد عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33760لي الواجد يحل عرضه وعقوبته . } رواه أهل السنن [ ص: 65 ]
وقال صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=35166مطل الغني ظلم } أخرجاه في الصحيحين واللي هو المطل والظالم يستحق العقوبة والتعزير وهذا أصل متفق عليه : أن كل من فعل محرما ، أو ترك واجبا ، استحق العقوبة ، فإن لم تكن مقدرة بالشرع كان يجتهد تعزيرا فيه ولي الأمر ، فيعاقب الغني المماطل بالحبس ، فإن أصر عوقب بالضرب ، حتى يؤدي الواجب ، وقد نص على ذلك الفقهاء من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وغيرهم رضي الله عنهم عنهم ولا أعلم فيه خلافا .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=4389أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل خيبر على الصفراء والبيضاء والسلاح ، سأل بعض اليهود ، وهو سعية عم حيي بن أخطب ، عن كنز مال حيي بن أخطب [ ص: 66 ] فقال : أذهبته النفقات والحروب ، فقال : العهد قريب ، والمال أكثر من ذلك فدفع النبي صلى الله عليه وسلم سعية إلى nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير ، فسمه بعذاب ، فقال : قد رأيت حييا يطوف ; في خربة هاهنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المسك في الخربة } ، وهذا الرجل كان ذميا ، والذمي لا تحل عقوبته إلا بحق ، وكذلك كل من nindex.php?page=treesubj&link=7677_7681كتم ما يجب إظهاره من دلالة واجبة ونحو ذلك ، يعاقب على ترك الواجب .