الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
169 - حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس ، نا الفضل بن شاذان ، نا محمد بن عمرو زنيج أبو زهير ، نا الحجاج بن أبي عثمان الصواف ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين غزوة بنفسه ، شهدت منها تسع عشرة ، غبت عن اثنتين ، فبينا أنا معه في بعض غزواته ، إذ أعيى ناضحي تحت الليل فبرك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخرنا ، في أخريات الناس ، فيزجي الضعيف ، ويردف ، ويدعو لهم ، فانتهى إلي وأنا أقول : يالهف أمتاه وما زال لنا ناضح سوء فقال : من هذا ؟ قلت : أنا جابر ، بأبي وأمي يا رسول الله ، قال : ما شأنك ؟ قلت : أعيى ناضحي ، فقال : أمعك عصا ؟ قلت : نعم ، فضربه ، ثم بعثه ، ثم أناخه ، ووطئ على ذراعه ، وقال : اركب ، فركبت ، فسايرته ، فجعل جملي يسبقه ، فاستغفر لي تلك الليلة خمسا وعشرين مرة ، فقال لي : ما ترك عبد الله من الولد ؟ يعني أباه ، قلت سبع نسوة ، قال : أترك عليه دينا ؟ قلت : نعم ، قال : فإذا قدمت المدينة فقاطعهم ، فإن أبوا فإذا حضر جذاذ نخلكم فآذني ، وقال لي : هل تزوجت ؟ قلت : نعم ، قال : ممن ؟ قلت : بفلانة بنت فلان ، بأيم كانت بالمدينة ، قال : فهلا فتاة تلاعبها وتلاعبك ؟ قلت : يا رسول الله كن عندي نسوة خرق ، يعني أخواته ، فكرهت أن آتيهن بامرأة خرقاء ، فقلت : هذه أجمع لأمري ، قال : فقد أصبت ورشدت ، فقال : بكم اشتريت جملك ؟ قلت : بخمس أواق من ذهب ، قال : قد أخذناه ، فلما قدم المدينة أتيته بالجمل فقال يا بلال أعطه خمس أوراق من ذهب ، يستعين بها في دين عبد الله ، وزده ثلاثا واردد عليه جمله ، قال : هل قاطعت غرماء عبد الله ؟ قلت : لا يا رسول الله ، قال : أترك وفاء ؟ قلت : لا ، قال : لا عليك ، إذا حضر جذاذ نخلكم فآذني ، فآذنته ، فجاء [ ص: 455 ] فدعا لنا فجذذنا فاستوفى كل غريم ما كان يطلب تمرا ، وفاء وبقي لنا ما كنا نجذ وأكثر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفعوا ولا تكيلوا ، فرفعنا ، فأكلنا منه زمانا . [ ص: 456 ]

[ ص: 457 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية