الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
1- حق إعلان الانتماء

أول حق من حقوق المرأة، الذي يجب أن تعيه جيدا وتتمسك به، هـو حقها في إعلان انتمائها إلى أمة التوحيد. وسبيلها إلى ذلك عدة طرق أهمها: رفضها القاطع للتصور الغربي، الذي يخضع لمعايير تشيئ المرأة، والانطلاق ممارسة وسلوكا وفكرا وقولا نحو الذات [ ص: 57 ] الحضارية المؤكدة لإنسانيتها.. ولعل أبرز مظهر ينبئ عن وعي المرأة بانتمائها وإصرارها، ممارسة حقها في اللباس الشرعي، أو ما اصطلح عليه بالحجاب، لأن المرأة حين تمارس هـذا الحق تتميز بأنها تعلن وتجاهر في كل مكان بمنهجها في الحياة، كما هـو الشأن بالنسبة للمرأة المتبرجة، التي أعطيت حق ممارسة عريها وتبرجها، دون أن يملك أحد مصادرة إعلانها وقرارها، إلا ما يفرضه الشرع من بسط تصوره للأمر بحكمة حسنة وأسلوب التحبب والأخوة.

ونظرة إلى شوارعنا تكشف أن المرأة المتبرجة تعلن بشكل صارخ أنها لا تخضع لثوابت الأمة

( ولكل وجهة هـو موليها ) بل قد تسقط في أكثر الأحيان في إعلان الفصل بينها وبين هـذه الثوابت ( لكم دينكم ولي دين ) ،

وليس لنا محاسبتها على ذلك أو معاقبتها عليه، لأن الحسـاب والعقاب بيده سبحانه وتعالى فقط، وما نحن جميعا إلا مجتهدين نعلن عن تصوراتنا بممارستنا وسلوكياتنا، والأمة برمتها تجني ثمار اجتهادنا كيفما كان، كما لا نملك إلا أن ندعوها، وندعو لها، الانخراط فيما نراه حقا وصوابا، فربما كانت لا تعرف، أو ربما نسيت خطابه تعالى لنبيه الكريـم:

( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن [ ص: 58 ] فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) (الأحزاب:59) ،

أو ربما غابت عنها الضوابط الربانية لمظهر المرأة الخارجي في قوله تعالى:

( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (النور:31) ،

فيأتي تذكيرنا لها ليثبت قرارها ومنهجها في الحياة على بصيرة من فكرها وانطلاقا من عقلها وقناعاتها، ومن ثم يأتي إعلان الانتماء في انخراط المرأة إما في حياة رشيدة متناغمة مع الكون في اتباعها لله تعالى واستسلامها له، استجابة لقوله عز شأنه:

( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) (الأنفال:24) ،

أو تنخرط في حياة أخرى استجابة لنوازع الهوى، بعلم أو بدون علم،

يقول تعالى: ( وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم ) (الأنعام:119) ،

والفرق بين حياة الاثنتين واضحة وجلية، وبخاصة حين تدلهم النوائب والخطوب وتوضع هـوية الأمة في المحك على مفترق الطرق،

يقول تعالى: ( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ) (الأنعام:122) . [ ص: 59 ]

وهل إعلان الانتماء إلا إقرار بالالتحاق بركب الإيمان والتجرد الخالص لله رب العالمين؟ وهل هـناك أبلغ من الالتزام باللباس الشرعي لهذا الإقرار؟ بل هـل هـناك من هـو أنسب من المرأة المؤمنة، بما أعطاها الله من صبر وقدرة على التحمل رغم رقتها وليونة مشاعرها، على الجهر بهذا الإعلان في كل لحظة من لحظات ظهورها خارج عشها الأسري، وأقدر على تنفيذ أمره عز شأنه،

يقول تعالى: ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ) (النور:31) .

إنها شروط العفة والطهارة من أجل صيانة المجتمعات الإسلامية من السقوط في مهاوي الرذيلة والفساد، وإحصاء شرعي لمن يجوز له أن يطلع على زينة المرأة، ومعايير تحصينية لمن رأت في نفسها القدرة على العمل خارج نطاق البيت، يعرف من خلالها كل الناس أنها ملتزمة بشرع ربها ومعتزة باتباع أوامره واجتناب نواهيه. [ ص: 60 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية