الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض فراشا يعني والله أعلم قرارا ، والإطلاق لا يتناولها ، وإنما يسمى به مقيدا ، كقوله تعالى : والجبال أوتادا وإطلاق اسم الأوتاد لا يفيد الجبال ، وقوله : الشمس سراجا ولذلك قال الفقهاء : إن من حلف لا ينام على فراش فنام على الأرض لا يحنث ، وكذلك لو حلف لا يقعد في سراج فقعد في الشمس ؛ لأن الأيمان محمولة على المعتاد المتعارف من الأسماء .

وليس في العادة إطلاق هذا الاسم للأرض والشمس .

وهذا كما سمى الله تعالى الجاحد له كافرا ، وسمى الزارع كافرا ، والشاك السلاح كافرا ، ولا يتناولهما هذا الاسم في الإطلاق ، وإنما يتناول الكافر بالله تعالى ، ونظائر ذلك من الأسماء المطلقة والمقيدة كثيرة ، ويجب اعتبارها في كثير من الأحكام ، فما [ ص: 33 ] كان في العادة مطلقا فهم على إطلاقه ، والمقيد فيها على تقييده ، ولا يتجاوز به موضعه .

وفي هذه الآية دلالة على توحيد الله تعالى ، وإثبات الصانع الذي لا يشبهه شيء ، القادر الذي لا يعجزه شيء ، وهو ارتفاع السماء ووقوفها بغير عمد ، ثم دوامها على طول الدهر غير متزايلة ولا متغيرة ، كما قال تعالى : وجعلنا السماء سقفا محفوظا وكذلك ثبات الأرض ووقوفها على غير سند فيه أعظم الدلالة على التوحيد وعلى قدرة خالقها ، وأنه لا يعجزه شيء ، وفيها تنبيه وحث على الاستدلال بها على الله وتذكير بالنعمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية