الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              99 (باب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)

                                                                                                                              وقال النووي: (باب بيان معنى قوله لا ترجعوا...الخ) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 56 ج2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: [ ص: 211 ] «ويحكم -أو قال ويلكم- لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عبد الله بن عمر؛ «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع ) : سميت بذلك: لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، وعلمهم في خطبته فيها أمر دينهم، وأوصاهم بتبليغ الشرع فيها إلى من غاب عنها، فقال: «ليبلغ الشاهد منكم الغائب» ، والمعروف في الرواية «بفتح الحاء» ، وقال الهروي وغيره من أهل اللغة: المسموع من العرب في واحدة «الحجج» «حجة» بكسر الحاء. قالوا: والقياس «فتحها» لكونها اسما للمرة الواحدة، وليست عبارة عن الهيئة حتى تكسر.

                                                                                                                              قالوا: فيجوز الكسر بالسماع؛ والفتح بالقياس.

                                                                                                                              (ويحكم: أو قال: «ويلكم، قال عياض: هما «كلمتان» استعملتهما العرب بمعنى التعجب، والتوجع.

                                                                                                                              قال سيبويه: «ويل» كلمة لمن وقع في هلكة. «وويح» ترحم وحكي عنه «ويح» زجر. لمن أشرف على الهلكة.

                                                                                                                              وقال غيره: لا يراد بهما «الدعاء بإيقاع الهلكة» ، ولكن الترحم والتعجب.

                                                                                                                              وعن عمر رضي الله عنه «ويح» كلمة رحمة.

                                                                                                                              وقال الهروي «ويح» لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيترحم عليه، [ ص: 212 ] ويرثي له «وويل» للذي يستحقها ولا يترحم عليه.

                                                                                                                              «لا ترجعوا بعدي» أي: بعد فراقي من موقفي هذا، «وكان يوم النحر بمنى» ، أو بعدي بمعنى «خلافي» . أي: لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به.

                                                                                                                              أو يكون تحقق صلى الله عليه وسلم أن هذا لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته.

                                                                                                                              (كفارا يضرب ) ، بضم الباء الموحدة (بعضكم رقاب بعض ) .

                                                                                                                              قيل في معناه سبعة أقوال: «أحدها» أن ذلك كفر في حق المستحل بغير حق، و «الثاني» المراد: كفر النعمة وحق الإسلام، «والثالث» أنه يقرب من الكفر ويؤدي إليه «والرابع» أنه فعل كفعل الكفار.

                                                                                                                              «والخامس» والمراد «حقيقة الكفر» . ومعناه: لا تكفروا؛ بل دوموا مسلمين «والسادس» حكاه الخطابي وغيره، أن المراد «المتكفرون بالسلاح» .

                                                                                                                              قال الأزهري: يقال للابس السلاح «كافر» :

                                                                                                                              «والسابع» قاله الخطابي معناه: لا يكفر بعضكم بعضا، فتستحلوا قتال بعضكم بعضا.

                                                                                                                              قال النووي: وأظهر الأقوال «الرابع» ، وهو اختيار القاضي عياض.

                                                                                                                              قلت: بل أظهرها القول الخامس. ويدل له قوله تعالى:

                                                                                                                              ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .




                                                                                                                              الخدمات العلمية