الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              213 (باب التحذير من الابتلاء)

                                                                                                                              وترجمه النووي بقوله (باب جواز الاستسرار بالإيمان للخائف).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص178-179 ج2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن حذيفة ، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أحصوا لي كم يلفظ الإسلام، قال: فقلنا: يا رسول الله، أتخاف علينا ونحن ما بين الست مائة إلى السبع مائة؟ قال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا .] [ ص: 273 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 273 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن حذيفة رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أحصوا لي كم يلفظ الإسلام؟") ، بفتح الياء. أي: كم عدد من يتلفظ بكلمة الإسلام، وكم هنا استفهامية. أي: كم شخصا يلفظ به؟

                                                                                                                              وفي رواية البخاري: "اكتبوا من يلفظ بالإسلام، فكتبنا".

                                                                                                                              وفي رواية النسائي وغيره، "أحصوا لي من كان يلفظ بالإسلام".

                                                                                                                              وفي رواية لأبي يعلى: "أحصوا كل من تلفظ بالإسلام".

                                                                                                                              (قال: فقلنا: يا رسول الله! أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة؟") وهذه العبارة مشكلة. من حيث العربية. لكن لها وجه، وهو أن يكون "مائة" في الموضعين منصوبة على التمييز، وقيل: مجرور "وأل" زائدة.

                                                                                                                              ووقع في رواية غير مسلم: "ستمائة إلى سبعمائة"، وهذا ظاهر لا إشكال فيه.

                                                                                                                              وعند البخاري: "فكتبنا له ألفا وخمسمائة، فقلنا: تخاف ونحن ألف وخمسمائة؟!".

                                                                                                                              وفي رواية البخاري: "فوجدناهم خمسمائة".

                                                                                                                              ووجه الجمع بين هذه الألفاظ، أن قولهم: "ألف وخمسمائة" المراد به: "النساء، والصبيان، والرجال. وقولهم: ستمائة: إلى سبعمائة: [ ص: 274 ] "الرجال خاصة". وقولهم: "خمسمائة" المراد به "المقاتلون".

                                                                                                                              وهذا الوجه يبطله رواية البخاري المصرحة بكونهم "ألفا وخمسمائة رجل" فقيل: لعلهم أرادوا مما "بين الستمائة إلى السبعمائة" رجال المدينة خاصة. وبقولهم "ألفا وخمسمائة" هم مع المسلمين حولهم.

                                                                                                                              (قال: "إنكم لا تزون لعلكم أن تبتلوا"، قال: فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا" ).

                                                                                                                              قال النووي: لعله كان في بعض الفتن التي جرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              فكان بعضهم يخفي نفسه ويصلي سرا، مخافة من الظهور، والمشاركة في الدخول في الفتنة، والحروب. والله أعلم، انتهى.

                                                                                                                              قلت: فعلى هذا، يكون هذا الحديث علما من أعلام النبوة؛ حيث وقع ما أخبر به الصادق المصدوق.

                                                                                                                              "وفيه" دلالة على أن الضرورات تبيح المحظورات.




                                                                                                                              الخدمات العلمية