الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الخنزير

                                                                                                                                                                              قال الله عز وجل: ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) ، وثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام .

                                                                                                                                                                              7807 - حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: "إن الله ورسوله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود إن الله عز وجل لما حرم عليهم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه" . [ ص: 20 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد أجمع أهل العلم على أن بيع الخنزير وشراءه حرام .

                                                                                                                                                                              واختلفوا في الانتفاع بشعره. فكرهت طائفة الانتفاع به. وممن كره ذلك ابن سيرين، والحكم، وحماد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد وإسحاق : الليف أحب إلينا .

                                                                                                                                                                              ورخص فيه الحسن البصري، والأوزاعي، ومالك، والنعمان، ويعقوب .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذ حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع الخنازير، والميتة، والأصنام، ففي معنى الأصنام الصور المتخذة من المدر، والخشب، وما أشبه ذلك، وكل ما يتخذه الناس مما لا منفعة فيه إلا اللهو المنهي عنه مثل الطبول المتخذة للهو، والطنابير، والعيدان، والمزامير، والبرود. فبيع كل ما ذكرناه، وشراؤه، واتخاذه، واستعماله غير [ ص: 21 ] جائز، وفي معنى الخمر الذي يحرم ولا يجوز الانتفاع به. وكل ما حرم بيعه مما ذكرناه حرم ثمنه فليس يملكه من هو بيده إلا الأصنام فإنها إذا كانت من ذهب، أو فضة، أو حديد، أو رصاص، وخشب ملك لأربابها، غير أن اتخاذها لما يتخذها أهل الشرك غير جائز. فإذا قطع أو كسر، أو سك، فالشراء بذلك جائز إذا صارت نقدا أو قطعا قد حالت عن المعنى المنهي عنه إلى سائر التبر الذي يجوز بيعه وشراؤه وهبته والصدقة به وإلا الطنابير، والعيدان، فإنها إذا أزيل عنها الأوتار وصارت ظروفا - إن كانت تصلح للظروف - لم يحرم إمساكها إذا زالت عن المعنى الذي يصلح للهو وصارت ظروفا للتوابل وغير ذلك، وهذه الأشياء خلاف ما تقدم ذكرنا له، لأن الميتة، والدم، والخمر، والخنزير لا تملك بوجه، وما ذكرناه من الأصنام وما هو مذكور معها قد يملك بوجوه من وجوه الملك على ما بينا إن شاء الله - تعالى .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية