الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              باب ذكر صفة عقد البيع

                                                                                                                                                                              لم يختلف أهل العلم فيما حفظناه عنهم أن الرجل إذا قال لرجل : بعني عبدك هذا - وهما عالمان به - بعشرة دنانير فقال له مالك العبد : قد بعتكه ، أن البيع ينعقد بينهما ، وكذا لو ابتدأ رب العبد ، فقال له مالك العبد : بعتكه أن البيع ينعقد بينهما ، وكذلك لو ابتدأ رب العبد فقال : قد بعتك عبدي هذا بعشرة دنانير . فقال المشتري : قد اشتريته منك ، فالبيع ينعقد بينهما ، وإن قال المشتري لرب العبد : أتبيعني عبدك هذا بعشرة دنانير ؟ فقال : قد بعتكه . لم ينعقد الشراء حتى يقول المشتري - بعد قول البائع : بعتكه - قد اشتريته منك ، لأن مخرج هذا الكلام مخرج الاستفهام ، وليس بالقول الأول . وقد ينعقد البيع بالكتابة ، وإن لم يصرح بألفاظ البيع استدلالا بحديث جابر بن عبد الله .

                                                                                                                                                                              8160 - حدثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثني زهير بن حرب ، قال : حدثنا جرير ، قال : حدثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله قال : أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعيا جملي فتخلفت أسوقه ، وكان رسول الله في حاجة متخلفا فلحقني ، فقال لي : "ما لك متخلفا ؟ " فقلت : يا رسول الله ألا إن جملي هذا ضلع علي فأردت أن ألحقه بالقوم ، فأخذ رسول الله بذنبه فضربه ثم زجره فقال : "اركب " . قال : فلقد رأيتني بعد وإني لأكفه عن القوم . قال : ثم قال لي : "بعني جملك هذا " . قال : فقلت : لا ، بل هو لك . قال : "لا ، بل بعنيه " . قلت : لا بل هو لك . قال : "لا ، بل بعنيه " . قلت : فإن لرجل علي أوقيه ذهب فهو لك بها . قال : "قد أخذته " . قال : فتبلغ عليه إلى المدينة . [ ص: 347 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فقوله "هو لك بها" وقوله : "قد أخذته" ليس بتصريح للبيع ، ولكنها كناية تقوم مقام التصريح كالألفاظ التي ذكرناها في كتاب الطلاق من الكنايات التي أقامها الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم مقام التصريح في أن ألزموا المتكلم بها إذا أراد الطلاق ما ألزموه المطلق بلفظ الطلاق ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                              8161 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : وحدثني بكر بن خلف ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنت في مسير مع نبي الله عليه السلام فنخسه أو ضربه بشيء معه ، قال : فكان بعد ينازعني الركاب حتى إني لأكفه .

                                                                                                                                                                              فقال نبي الله : "تبعنيه بكذا وكذا والله يغفر لك " . قلت : هو لك يا رسول الله - أعاد هذا - قال : وكانت كلمة يقولها المسلمون يقول : كذا وكذا والله يغفر لك
                                                                                                                                                                              . [ ص: 348 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية