الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4697 باب : إن الله يحب الرفق

                                                                                                                              وهو في النووي ، في (الباب الماضي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص146 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : "يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه" ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : يا عائشة ! إن الله رفيق) .

                                                                                                                              [ ص: 115 ] فيه : تصريح بتسميته "سبحانه وتعالى" ، ووصفه برفيق .

                                                                                                                              قال المازري : لا يوصف الله إلا بما سمى به نفسه ، أو سماه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أجمعت الأمة عليه .

                                                                                                                              وأما ما لم يرد إذن في إطلاقه ، ولا ورد منع في وصف الله تعالى به ففيه خلاف ؛

                                                                                                                              منهم من قال : يبقى على ما كان قبل ورود الشرع ، فلا يوصف بحل ولا حرمة .

                                                                                                                              ومنهم : من منعه .

                                                                                                                              قال : وللأصوليين المتأخرين خلاف في تسمية الله تعالى : بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : بخبر الآحاد ؛

                                                                                                                              فقال بعض حذاق الأشعرية : يجوز ، لأن خبر الواحد (عنده) يقتضي العمل . وهذا عنده من باب العمليات . لكنه يمنع إثبات أسمائه تعالى بالأقيسة الشرعية ، وإن كانت يعمل بها في المسائل الفقهية .

                                                                                                                              وقال بعض متأخريهم : يمنع ذلك .

                                                                                                                              فمن أجاز ذلك فهم من مسالك الصحابة قبولهم ذلك في مثل هذا .

                                                                                                                              ومن منع لم يسلم ذلك ، ولم يثبت عنده إجماع فيه ، فبقي على المنع .

                                                                                                                              [ ص: 116 ] قال المازري : فإطلاق "رفيق" ؛ إن لم يثبت بغير هذا الحديث الآحاد جرى في جواز استعماله الخلاف الذي ذكرنا .

                                                                                                                              قال : ويحتمل أن يكون "رفيق" صفة فعل . وهي ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده . انتهى .

                                                                                                                              قال النووي : والصحيح : جواز تسمية الله تعالى : "رفيقا" وغيره ، مما ثبت بخبر الواحد . قال : وإنه اختيار إمام الحرمين . انتهى .

                                                                                                                              قلت : وتمام هذا البحث ، في (كتاب الجوائز والصلات ، من جمع الأسامي والصفات) .

                                                                                                                              (يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) أي : يثيب عليه ما لا يثيب على غيره .

                                                                                                                              وقال عياض : معناه يتأتى به من الأغراض ، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره .

                                                                                                                              (وما لا يعطي على ما سواه) أي : سوى الرفق .

                                                                                                                              وفي رواية : "عليك بالرفق" .

                                                                                                                              وأما "العنف" بضم العين وفتحها وكسرها (حكاهن عياض) ، والضم أفصح ، وأشهر : فهو ضد "الرفق" .

                                                                                                                              وفي هذا : الحث على الرفق ، وذم العنف .




                                                                                                                              الخدمات العلمية