الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع عشر في موازاته صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان عليه الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                              قال أبو نعيم : أوتي ملكا عظيما ، وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم من ذلك مفاتيح خزائن الأرض؛ فأباها ، قال : «لو شئت لأجرى الله معي جبال الأرض ذهبا ، ولكن أجوع يوما وأشبع يوما» .

                                                                                                                                                                                                                              وأوتي سليمان الريح تسير به ، غدوها شهر ورواحها شهر ، وقد أعطي نبينا صلى الله عليه وسلم ما [ ص: 271 ]

                                                                                                                                                                                                                              هو أعظم من ذلك البراق ، سار به مسيرة خمسين ألف سنة ، في أقل من ثلث ليلة ، فدخل السماوات سماء سماء ، ورأى عجائبها ، ووقف على الجنة والنار وسخرت له الريح ، كما قال تعالى في شأن الأحزاب : فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها [الأحزاب 9]

                                                                                                                                                                                                                              وقال صلى الله عليه وسلم : «نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور» وفي الصحيحين : «نصرت بالرعب مسيرة شهر»

                                                                                                                                                                                                                              ومضى ذلك أنه إذا قصد قتال قوم من الكفار ألقى الله الرعب في قلوبهم قبل وصوله إليهم بشهر ، ولو كانت مسيرة شهر ، فهذا في مقابلة غدوها شهرا ، ورواحها شهرا ، بل هذا أبلغ في التمكين والنصر ، وسخرت لسليمان الجن وكانت تعاص عليه حتى يصفدها ويعذبها ، ونبينا صلى الله عليه وسلم أتته وفود الجن طائعة مؤمنة ، وسخر له الشياطين والمردة منهم ، حتى هم أن يربط الشيطان الذي أخذه بسارية المسجد ، وأنزل الله تعالى الملائكة المقربين في غير ما موطن كبدر ، وأحد ، والأحزاب ، وحنين ، كما تقدم مفصلا ، وذلك أعظم وأجل من تسخير الشياطين ، قد ثبت في الصحيح أنه إذا دخل شهر رمضان صغرت الشياطين ومردة الجن ، وأعطي سليمان النبوة والملك ، ونبينا صلى الله عليه وسلم خير عن ذلك فاختار أن يكون نبيا عبدا .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية