الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مقتل المظفر وتولية الناصر حسن بن الناصر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي العشر الأخير من رمضان جاء البريد من نائب غزة إلى نائب دمشق بقتل السلطان الملك المظفر حاجي بن الناصر محمد ، وقع بينه وبين الأمراء فتحيزوا عنه إلى قبة النسر ، فخرج إليهم في طائفة قليلة فقتل في الحال ، وسحب إلى مقبرة هناك ، ويقال : قطع قطعا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان يوم الجمعة آخر النهار ورد من الديار المصرية أمير للبيعة لأخيه السلطان الناصر حسن ابن السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، فدقت البشائر في القلعة المنصورة ، وزين البلد في الساعة الراهنة من أمكن من الناس ، وما أصبح الصباح يوم السبت حتى زين البلد بكماله ، ولله الحمد على انتظام الكلمة ، واجتماع الألفة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 500 ] وفي يوم الثلاثاء العشرين من شوال قدم الأمير فخر الدين إياس نائب حلب محتاطا عليه ، فاجتمع بالنائب في دار السعادة ، ثم أدخل القلعة مضيقا عليه ، ويقال : إنه قد فوض أمره إلى نائب دمشق ، فمهما فعل فيه فقد أمضي له . فأقام بالقلعة المنصورة نحوا من جمعة ، ثم أركب على البريد ليسار به إلى الديار المصرية ، فلم يدر ما فعل به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ليلة الاثنين ثالث شهر ذي القعدة توفي الشيخ الحافظ الكبير ، مؤرخ الإسلام ، وشيخ المحدثين ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عثمان الذهبي ، بتربة أم الصالح ، وصلي عليه يوم الاثنين صلاة الظهر في جامع دمشق ، ودفن بباب الصغير ، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة حضرت تربة أم الصالح - رحم الله واقفها - عوضا عن الشيخ شمس الدين الذهبي ، وحضر جماعة من أعيان الفقهاء وبعض القضاة ، وكان درسا مشهودا - ولله الحمد والمنة - أوردت فيه حديث أحمد ، عن الشافعي ، عن مالك ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه ، أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 501 ] وفي يوم الأربعاء تاسع عشره أمر نائب السلطنة بجماعة انتهبوا شيئا من الباعة ، فقطع أيدي أحد عشر منهم ، وسمر سبعة عشر تسميرا; تعزيرا وتأديبا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية