الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 109 ] 12 - باب القضاء في الرهن من الحيوان

                                                                                                                        1404 - قال مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن : أن ما كان من أمر يعرف هلاكه من أرض أو دار أو حيوان ، فهلك في يد المرتهن وعلم هلاكه ، فهو من الراهن ، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئا ، وما كان من رهن يهلك في يد المرتهن ، فلا يعلم هلاكه إلا بقوله ، فهو من المرتهن ، وهو لقيمته ضامن . يقال له : صفه ، فإذا وصفه ، أحلف على صفته . وتسمية ماله فيها ، ثم يقومه أهل البصر بذلك ، فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن ، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن ، فوق قيمة الرهن . وإن أبى الراهن أن يحلف ، أعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن ، فإن قال المرتهن : لا علم لي بقيمة الرهن ، حلف الراهن على صفة الرهن . وكان ذلك له ، إذا جاء بالأمر الذي لا يستنكر .

                                                                                                                        قال مالك : وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ، ولم يضعه على يدي غيره .

                                                                                                                        [ ص: 110 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 110 ] 32031 - قال أبو عمر : قد تقدم القول فيما يغاب عليه من الرهون ، وما لا يغاب عليه منها في الباب الذي قبل هذا : باب غلق الرهن ، فلا معنى لإعادته هاهنا .

                                                                                                                        32032 - وأما اختلاف الرهن والراهن والمرتهن فيما على الراهن من الدين ; فقول مالك ما ذكره في الموطأ مما قد ذكرناه عنه في هذا الباب .

                                                                                                                        32033 - ولم يختلف أصحابه عنه أن القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن .

                                                                                                                        32034 - ولا نعلم أحدا راعى قيمة الرهن في هذه المسألة غير مالك ، ومن قال بقوله ، إلا أنهم لا يكون القول عندهم قول المرتهن إلا إلى قيمة الرهن ; لأن الرهن وثيقة بالدين ، فأشبه إليه ، وصار القول قول من الرهن في يده إلى مقدار قيمته ، ولا يصدق على أكثر من ذلك ، والقول قول الراهن فيما زاد على ذلك ، فإن كان الرهن قائما ، واختلفا في الدين ، فإن كان الرهن قدر حق المرتهن أخذه بحقه ، وكان أولى به من الراهن إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ، ويأخذ رهنه .

                                                                                                                        32035 - وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، والحسن بن حي : إذا هلك الرهن واختلف الراهن والمرتهن في مقدار الدين فالقول قول الراهن في الدين مع يمينه ، ولا قول للمرتهن هاهنا إلى قيمة الرهن ، ولا ما دون ، ولا ما فوق ; لأنه مدع عندهم .

                                                                                                                        32036 - قال أبو عمر : المرتهن مدع ، فإذا لم تكن بينة حلف الراهن على ظاهر السنة المجتمع عليها ، ولا يلزم الراهن من الدين إلا ما أقر به ، أو قامت عليه [ ص: 111 ] بينة ، فإن اختلفا في قيمة الرهن الهالك ، أو صفته ، فالقول قول المرتهن عند مالك ، وأصحابه ; لأنه الضامن لقيمته ، وهو مدعى عليه ، والراهن مدع بأكثر مما يقر به المرتهن ، والشافعي والكوفيون على أصولهم المتقدمة ، وهذا باب مطرد لو وقف على المدعي من المدعى عليه فيه ، وبالله التوفيق .




                                                                                                                        الخدمات العلمية