الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                [ ص: 163 ] وكذا إذا قال لامرأتين له : والله لا أقربكما ، وههنا ثلاثة فصول : أحدها أن يقول لامرأتين له : والله لا أقربكما أو يقول لنسائه الأربع والله لا أقربكن ، وهما فصل واحد والثاني أن يقول : والله لا أقرب إحداكما أو إحداكن ، والثالث أن يقول : والله لا أقرب واحدة منكما أو واحدة منكن أما الأول إذا قال لامرأتين له : والله لا أقربكما صار موليا منهما للحال حتى لو مضت أربعة أشهر ، ولم يقربهما فيها بانتا جميعا ، ويبطل .

                                                                                                                                وكذا إذا قال لنسائه الأربع : والله لا أقربكن صار موليا منهن للحال حتى لو لم يقربهن حتى مضت أربعة أشهر بن جميعا ، وهذا قول أصحابنا الثلاثة - وهو استحسان - والقياس أن لا يصير موليا في الأول ما لم يطأ واحدة منهما فيصير موليا من الأخرى .

                                                                                                                                وفي الثاني ما لم يطأ واحدة فيصير موليا من الأخرى ، وفي الثالث ما لم يطأ الثالثة منهن فيصير موليا من الرابعة ، وهو قول زفر .

                                                                                                                                وجه القياس أن المولي من لا يمكنه قربان امرأته من غير حنث يلزمه ، وههنا يمكنه في الصورة الأولى قربان إحداهما من غير حنث يلزمه ; لأنه لا يحنث بوطء إحداهما إذ جعل شرط الحنث قربانهما من غير شيء يلزمه ، ولم يوجد ، وفي الصورة الثانية يمكنه قربان الثلاث منهن من غير حنث يلزمه .

                                                                                                                                ألا ترى أنه لا يحنث بوطء الثلاث منهن فلم يوجد حد المولي ، فلا يكون موليا ، وإذا وطئ إحداهما أو وطئ الثلاث منهن ، فلا يمكنه وطء الباقية إلا بحنث يلزمه فوجد حد الإيلاء فيصير موليا .

                                                                                                                                وجه الاستحسان أن المولي من لا يمكنه وطء امرأته في المدة من غير شيء يلزمه بسبب اليمين .

                                                                                                                                وههنا لا يمكنه وطؤها في المدة من غير شيء يلزمه بسبب اليمين ; لأنه لو وطئ إحداهما أو الثلاث منهن لزمه تعيين الأخرى للإيلاء ، وهذا شيء يلزمه بسبب اليمين وقد وجد حد الإيلاء فيكون موليا ، ولو قرب إحداهما لا كفارة عليه لعدم شرط الحنث ، وهو قربانهما ، ولكن يبطل إيلاؤه منها ; لأن ذلك يقف على القربان وقد وجد ، والإيلاء في حق الباقية على حاله لانعدام المبطل في حقهما ، وهو القربان ، ولو قربهما جميعا بطل إيلاؤهما ، وعليه كفارة اليمين لوجود المبطل لهما والموجب للكفارة ، وهو قربانهما .

                                                                                                                                ولو ماتت إحداهما قبل مضي أربعة أشهر بطل إيلاؤها ، ولا تجب الكفارة ، وإن وطئ الأخرى بعد ذلك بالإجماع ; لأن شرط وجوب الكفارة قربانهما ، ولم يوجد ، ولو طلق إحداهما لا يبطل الإيلاء .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية