الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله تعالى : وتزودوا فإن خير الزاد التقوى روي عن مجاهد والشعبي أن أناسا من أهل اليمن كانوا لا يتزودون في حجهم حتى نزلت وتزودوا فإن خير الزاد التقوى وقال سعيد بن جبير : الزاد الكعك ، والزيت . وقيل فيه : إن قوما كانوا يرمون بأزوادهم يتسمون بالمتوكلة ، فقيل لهم : تزودوا من الطعام ولا تطرحوا كلكم على الناس وقيل فيه : إن معناه أن تزودوا من الأعمال الصالحة ، فإن خير الزاد التقوى . قال أبو بكر : لما احتملت الآية الأمرين من زاد الطعام وزاد التقوى ، وجب أن يكون عليهما ؛ إذ لم تقم دلالة على تخصيص زاد من زاد . وذكر التزود من الأعمال الصالحة في الحج ؛ لأنه أحق شيء بالاستكثار من أعمال البر فيه لمضاعفة الثواب عليه ، كما نص على حظر الفسوق والمعاصي فيه ، وإن كانت محظورة في غيره ، تعظيما لحرمة الإحرام وإخبارا أنها فيه أعظم مأثما ؛ فجمع الزادين في مجموع اللفظ من الطعام ومن زاد التقوى ، ثم أخبر أن زاد التقوى خيرهما لبقاء نفعه ودوام ثوابه .

وهذا يدل على بطلان مذهب المتصوفة الذين يتسمون بالمتوكلة في تركهم التزود ، والسعي في المعاش . وهو يدل على أن من شرط استطاعة الحج الزاد ، والراحلة ؛ لأنه خاطب بذلك من خاطبه بالحج ، وعلى هذا المعنى قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الاستطاعة : هي الزاد ، والراحلة . والله الموفق .

[ ص: 386 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية