الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                  صفحة جزء
                                                  2650 حدثنا أبو مسلم قال : حدثنا علي بن المديني قال : حدثنا معن بن عيسى القزاز قال : حدثنا الحارث بن عبد الملك [ ص: 299 ] بن عبد الله الليثي ثم السمعي النخعي ، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبيه ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن الفضل بن عباس قال : جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت إليه ، فوجدته موعوكا ، قد عصب رأسه ، فقال : " خذ بيدي يا فضل " فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر ، فجلس عليه ، ثم قال لي : " صح في الناس " فصحت في الناس ، فاجتمعوا إليه ، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : " يا أيها الناس ، إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم ، فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه ، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه ، ومن كنت أخذت له مالا ، فهذا مالي فليستقد منه ولا يقولن رجل : إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله ، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي ، ولا من شأني ، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقا إن كان ، أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس ، ألا وإني لا أرى ذلك بمغن عني حتى أقوم فيكم مرارا " ثم نزل - صلى الله عليه وسلم - فصلى الظهر ، ثم عاد إلى المنبر ، فعاد إلى مقالته في الشحناء وغيرها ، ثم قال : " أيها الناس ، من كان عنده شيء فليرده ، ولا يقول : فضوح الدنيا ، ألا وإن فضوح الدنيا خير من فضوح الآخرة " ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول [ ص: 300 ] الله ، إن لي عندك ثلاثة دراهم ، فقال : " أما إنا لا نكذب قائلا ، ولا نستحلفه على يمين ، فلم صارت لك عندي ؟ " قال : تذكر يوم مر بك السائل فأمرتني ، فدفعت إليه ثلاثة دراهم ؟ قال : " ادفعها إليه يا فضل " ثم قام إليه رجل آخر ، فقال : يا رسول الله ، عندي ثلاثة دراهم ، كنت غللتها في سبيل الله . قال : " ولم غللتها ؟ " قال : كنت إليها محتاجا . قال : " خذها منه يا فضل ، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : " من خشي منكم شيئا فليقم أدع له " فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، إني لكذاب وإني لمنافق ، وإني لنئوم ، فقال : " اللهم ارزقه صدقا وإيمانا ، وأذهب عنه النوم إذا أراد " ثم قام إليه رجل ، فقال : يا رسول الله ، إني لكذاب ، وإني لمنافق ، وما من شيء من الأشياء إلا وقد أتيته ، فقال عمر : يا هذا ، فضحت نفسك ، فقال : " مه يا ابن الخطاب ، فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة ، اللهم ارزقه صدقا وإيمانا ، وصير أمره إلى خير " ، فتكلم عمر بكلمة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عمر معي وأنا مع عمر ، والحق بعدي مع عمر حيث كان .

                                                  لا يروى هذا الحديث عن الفضل إلا بهذا الإسناد ، تفرد به الحارث بن عبد الملك .

                                                  التالي السابق


                                                  الخدمات العلمية