الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وعلى المعتدة أن تعتد في المنزل الذي يضاف إليها بالسكنى حال وقوع الفرقة والموت ) لقوله تعالى: { لا تخرجوهن من بيوتهن }والبيت المضاف إليها هو البيت الذي تسكنه ، ولهذا لو زارت أهلها وطلقها زوجها كان عليها أن تعود إلى منزلها فتعتد فيه ، { وقال عليه الصلاة والسلام للتي قتل زوجها : اسكني في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله }( وإن كان نصيبها من دار الميت لا يكفيها ، فأخرجها الورثة من نصيبهم انتقلت ) ; لأن هذا انتقال بعذر ، والعبادات تؤثر فيها الأعذار ، فصار كما إذا خافت على متاعها أو خافت سقوط [ ص: 539 ] المنزل ، أو كانت فيها بأجر ولا تجد ما تؤديه

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث السادس : { قال عليه السلام للذي قتل زوجها : اسكني في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله }; قلت : أخرجه في " السنن الأربعة " عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب { عن فريعة بنت مالك بن سنان ، وهي أخت أبي سعيد الخدري ، أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة ، وأن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا ، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم ، فقتلوه ، قالت : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي ، فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه ، ولا نفقة ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، قالت : فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ، أو في المسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمرني فنوديت له ، فقال : كيف قلت ؟ قالت : فرددت عليه القصة ، التي ذكرت له من شأن زوجي ; قال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ، قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا ، قالت : فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك ، فأخبرته فاتبعه }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ; [ ص: 539 ] ورواه أحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو داود الطيالسي ، والشافعي ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " ، ورواه مالك في " الموطأ " أخبرنا سعد بن إسحاق به ، ومن طريقه رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثاني والثمانين ، من القسم الأول ، والحاكم في " المستدرك " ، وأخرجه الحاكم أيضا عن إسحاق بن سعد بن كعب بن عجرة حدثتني زينب به ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد من الوجهين جميعا ، ولم يخرجاه ، قال محمد بن يحيى الذهلي : هو حديث صحيح محفوظ ، وهما اثنان : سعد بن إسحاق ، وهو أشهرهما ، وإسحاق بن سعد بن كعب . وقد روى عنهما جميعا يحيى بن سعيد الأنصاري ، فقد ارتفعت عنهما الجهالة انتهى كلامه بحروفه . وقال [ ص: 540 ] ابن عبد البر في " التقصي " : رواه يحيى بن يحيى عن مالك ، فقال : سعيد بن إسحاق ، وغيره من الرواة ، يقول : سعد بن إسحاق ، وهو الأشهر انتهى كلامه . وقال ابن القطان في " كتابه " قال ابن حزم : زينب بنت كعب مجهولة ، لم يرو حديثها غير سعد بن إسحاق ، وهو غير مشهور بالعدالة ، قال : وليس عندي كما قال ، بل الحديث صحيح ، فإن سعد بن إسحاق ثقة ، وممن وثقه النسائي ، وزينب كذلك ثقة ، وفي تصحيح الترمذي إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق ، ولا يضر الثقة أن لا يروي عنه إلا واحد ، وقد قال ابن عبد البر : إنه حديث مشهور انتهى .

                                                                                                        حديث يشكل على المذهب : أخرجه الدارقطني عن محبوب بن محرز عن أبي مالك النخعي عن عطاء بن السائب عن علي { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت }انتهى .

                                                                                                        قال الدارقطني : لم يسنده غير أبي مالك النخعي ، وهو ضعيف ، قال ابن القطان : ومحبوب بن محرز أيضا ضعيف ، وعطاء مختلط ، وأبو مالك أضعفهم ، فلذلك أعله الدارقطني به ، وذكر الجميع أصوب الاحتمال أن تكون الجناية من غيره انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية