الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1184 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأسود بن قيس حدثني ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة أنه شهد خطبة يوما لسمرة بن جندب قال قال سمرة بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قيد رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تنومة فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثا قال فدفعنا فإذا هو بارز فاستقدم فصلى فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا قال ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك قال فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية قال ثم سلم ثم قام فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وشهد أنه عبده ورسوله ثم ساق أحمد بن يونس خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ابن عباد ) : بكسر المهملة وتخفيف الموحدة ( ابن جندب ) : بفتح الدال [ ص: 38 ] وضمها مع ضم الجيم ( غرضين ) : الغرض بالتحريك الهدف الذي يرمي إليه والجمع أغراض مثل سبب وأسباب وبالفارسية نشائه تير ( قيد ) : بكسر القاف يقال قيد رمح وقاد رمح أي قدر رمح ( حتى آضت ) : بالمد أي رجعت وصارت كأنها تنومة بفتح فوقية وتشديد نون مضمومة نوع من نبات الأرض فيها وفي ثمرها سواد قليل . قال الخطابي : التنوم نبت لونه إلى السواد ويقال بل هو شجر له ثمر كمد اللون ( ليحدثن ) : من الإحداث بالنون الثقيلة ( شأن هذه الشمس ) : مرفوع بالفاعلية ( حدثا ) : أي أمرا جديدا ( فدفعنا ) : على بناء الفاعل أو المفعول أي دفعنا الانطلاق ( وإذا هو بارز ) : قال الحافظ ابن الأثير : جاء هذا الحديث هكذا في سنن أبي داود بارز براء ثم زاء من البروز وهو الظهور وهو تصحيف من الراوي .

                                                                      قال الخطابي في المعالم والأزهري في التهذيب وإنما هو بأزز بباء الجر وهمزة مضمومة وزائين معجمتين أي بجمع كثير ؛ يقال أتيت الوالي والمجلس أزز ؛ أي كثير الزحام ليس فيه متسع ، والناس أزز إذا انضم بعضهم إلى بعض ، والمعنى انتهيت إلى المسجد فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ممتلئ بالناس ( في صلاة قط ) : فيه استعمال قط في الإثبات وهي مختصة بالنفي بإجماع النحاة ، وخرجه الشيخ جمال الدين بن هشام على أنه وقع قط بعد ما المصدرية كما يقع بعد ما النافية . قال الرضي : وربما يستعمل قط بدون النفي لفظا ومعنى كنت أراه قط أي دائما ، وقد يستعمل بدونه لفظا لا معنى هل رأيت ذئبا قط قاله السيوطي ( لا نسمع له صوتا ) : قال في المنتقى : وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة له " أتينا والمسجد قد امتلأ " وعند الشيخين والترمذي وصححه وعند أحمد والطيالسي وابن حبان والحاكم من حديث عائشة " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جهر بالقراءة " وعند الشافعي وأبي يعلى عن ابن عباس قال " كنت إلى جنب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفا من القرآن " وفي إسناده ابن لهيعة .

                                                                      قال البخاري : حديث [ ص: 39 ] عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة ، ورجح الشافعي رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس .

                                                                      قلت : حديث عائشة أرجح لكونه في الصحيحين ، ولكونه متضمنا للزيادة ، ولكونه مثبتا ، ولكونه معتضدا بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن علي مرفوعا من إثبات الجهر ، وحديث سمرة صححه الترمذي وابن حبان والحاكم لكن أعله ابن حزم بجهالة ثعلبة بن عباد راويه عن سمرة ، وقد قال ابن المديني إنه مجهول وذكره ابن حبان في الثقات مع أنه لا راوي له إلا الأسود بن قيس قاله الحافظ .

                                                                      وفي سند حديث ابن عباس رضي الله عنه ابن لهيعة وهو ضعيف . وقد ذهب إلى الجهر أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وبه قال صاحب أبي حنيفة وابن العربي من المالكية ، وحكى النووي عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء : أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر . وقد احتج بحديث سمرة هذا وحديث قبيصة الآتي بأن صلاة الكسوف ركعتان بركوع واحد كسائر الصلوات .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي مختصرا والنسائي مطولا ومختصرا وابن ماجه مختصرا . وقال الترمذي حديث حسن صحيح .




                                                                      الخدمات العلمية