الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : احتج الشافعي بهذه الآية على أن الوتر ليس بواجب ، قال : الوتر لو كان واجبا لكانت الصلوات الواجبة ستة ، ولو كان كذلك لما حصل لها وسطى ، والآية دلت على حصول الوسطى لها .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : الاستدلال إنما يتم إذا كان المراد هو الوسطى في العدد وهذا ممنوع ، بل المراد من الوسطى الفضيلة قال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) [ البقرة : 143 ] أي : عدولا ، وقال تعالى : ( قال أوسطهم ) [ القلم : 28 ] أي : أعدلهم ، وقد أحكمنا هذا الاشتقاق في تفسير قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد الوسطى في المقدار كالمغرب ، فإنه ثلاث ركعات وهو متوسط بين الاثنين وبين الأربع ، وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد الوسطى في الصفة وهي صلاة الصبح فإنها تقع في وقت ليس بغاية في الظلمة ولا غاية في الضوء .

                                                                                                                                                                                                                                            الجواب : أن الخلق الفاضل إنما يسمى وسطا لا من حيث إنه خلق فاضل ، بل من حيث إنه يكون متوسطا بين رذيلتين هما طرفا الإفراط والتفريط ، مثل الشجاعة فإنها خلق فاضل وهي متوسطة بين الجبن والتهور فيرجع حاصل الأمر إلى أن لفظ الوسط حقيقة فيما يكون وسطا بحسب العدد ومجاز في الخلق [ ص: 130 ] الحسن والفعل الحسن من حيث إن من شأنه أن يكون متوسطا بين الطرفين اللذين ذكرناهما ، وحمل اللفظ على الحقيقة أولى من حمله على المجاز .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : نحمله على ما يكون وسطا في الزمان وهو الظهر .

                                                                                                                                                                                                                                            فجوابه : إن الظهر ليست بوسط في الحقيقة ، لأنها تؤدى بعد الزوال ، وهنا قد زال الوسط .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله : نحمله على الصبح لكون وقت وجوبه وسطا بين وقت الظلمة وبين وقت النور ، أو على المغرب لكون عددها متوسطا بين الاثنين والأربعة .

                                                                                                                                                                                                                                            فجوابه : أن هذا محتمل ، وما ذكرناه أيضا محتمل ، فوجب حمل اللفظ على الكل ، فهذا هو وجه الاستدلال في هذه المسألة بهذه الآية بحسب الإمكان . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية