الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4493 [ 2364 ] وعنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا أم سليم ، فإنه كان يدخل عليها، فقيل له في ذلك فقال : " إني أرحمها ، قتل أخوها معي" .

                                                                                              رواه مسلم (2455).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قول أنس ـ رضي الله عنه ـ : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يدخل على النساء [ إلا على أزواجه إلا أم سليم ") إنما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يدخل على النساء ] ، عملا بما شرع من المنع من الخلوة بهن ، وليقتدى به في ذلك ، ومخافة أن يقذف الشيطان في قلب أحد من المسلمين شرا فيهلك ، كما قال في حديث صفية المتقدم ، ولئلا يجد المنافقون ، وأهل الزيغ مقالا ، وإنما خص أم سليم بالدخول عندها ، لأنها كانت منه ذات محرم بالرضاع كما تقدم ، وليجبر قلبها من فجعتها بأخيها ، إذ كان [ ص: 363 ] قد قتل معه في بعض حروبه ، وأظنه يوم أحد ، ولما علم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من فضلها ، كما دل عليه رؤية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إياها في الجنة .

                                                                                              وأم سليم هذه هي : ابنة ملحان بن زيد بن حرام من بني النجار ، وهي : أم أنس بن مالك بن النضر ، كانت أسلمت مع قومها ، فغضب مالك لذلك ، فخرج إلى الشام فهلك هنالك كافرا ، وقيل : قتل ، ثم خطبها بعده أبو طلحة ، وهو على شركه ، فأبت حتى يسلم ، وقالت : لا أريد منه صداقا إلا الإسلام ، فأسلم وتزوجها ، وحسن إسلامه . فولدت له غلاما كان قد أعجب به فمات صغيرا ، ويقال : إنه أبو عمير صاحب النغير ، وكان أبو طلحة غائبا حين مات ، فغطته أم سليم ، فجاء أبو طلحة ، فسأل عنه ، فكتمت موته ، ثم إنها تصنعت له فأصاب منها ، ثم أعلمته بموته ، فشق ذلك عليه ، ثم إنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره ، فدعا لهما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : " بارك الله لكما في غابر ليلتكما " ، كما ذكر في الأصل ، فبورك لهما بسبب تلك الدعوة ، وولدت له : عبد الله بن أبي طلحة ، وهو والد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الفقيه ، وإخوته كانوا عشرة كلهم حمل عنه العلم ، وإسحاق هو شيخ مالك ، واختلف في اسم أم سليم . فقيل : سهلة . وقيل : رملة . وقيل : مليكة . وهي الغميصاء المذكورة في الحديث ، ويقال : الرميصاء ، وقيل : إن بالراء هي : أم حرام أختها ، وخالة أنس .

                                                                                              والغميصاء : مأخوذ من الغمص ، وهو ما سال من قذى العين عند البكاء والمرض ، يقال بالصاد والسين ، والرمص - بالراء - : ما تجمد منه ، قاله يعقوب وغيره .

                                                                                              وكانت أم سليم من عقلاء النساء وفضلائهن ، شهدت مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحدا وحنينا ، ردت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحاديث ، خرج لها في الصحيحين أربعة أحاديث .




                                                                                              الخدمات العلمية