الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من عدم التنافي في شهادتهما ودخول الألف التي شهد بها أحدهما في الألفين التي شهد بها الآخر عجل الحاكم للمشهود له الحكم بألف وتوقف على إحلافه في إثبات الألف الثانية حتى يسأل الشاهد بالألف : هل عنده علم منها ؟ فإن قال : لا [ ص: 78 ] علم لي بها ، أحلف المدعي مع شاهده الآخر وقضي له بالألف الثانية ، وإن قال : قد كنت أعلم استحقاق المدعى عليه لها ولكن قبضها من المقر بها فشهدت بالألف الباقية ، ولم أشهد بالألف المقبوضة ، قيل للمدعي قد حصل لك ألف بشاهدين ، وألف ثانية بشاهد وعليك بقبضها شاهد ، فإن لم يحلف مع شاهده لم يحكم على المشهود عليه بها ؛ لأن البينة لم تكمل ، وإن أجاب إلى اليمين مع شاهده فهل يجوز للحاكم أن يحلفه معه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز أن يحلفه ؛ لأن الشاهد بقبضها قد قابل الشاهد في إثباتها فتعارضا فلم يجز إحلافه مع الشهادة وتعارضهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحلفه ؛ لأن يمينه مع شاهده لكمال بينة فجرت مجرى شاهد آخر .

                                                                                                                                            ولا يجوز لحاكم أن يمنع شاهدا ثانيا أن يشهد بها فكذا لا يمنع المدعي أن يحلف عليها ، فعلى هذا إذا أحلفه الحاكم مع شاهده فقد تمت له البينة عليها بشاهد ويمين فيقال للمشهود عليه قد لزمتك ألف ثانية بشاهد ويمين ولك أن تدفعها بشاهد فإن حلفت معه تمت بينتك بشاهد ويمين فسقطت عنك وإن لم تحلف لزمتك ؛ لأن البينة بها عليك تامة ، والبينة لك بدفعها غير تامة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية