الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5116 حدثنا عبد الرحمن بن شيبة قال أخبرني ابن أبي الفديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال كنت ألزم النبي صلى الله عليه وسلم لشبع بطني حين لا آكل الخمير ولا ألبس الحرير ولا يخدمني فلان ولا فلانة وألصق بطني بالحصباء وأستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني وخير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليخرج إلينا العكة ليس فيها شيء فنشتقها فنلعق ما فيها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا عبد الرحمن بن شيبة ) هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن محمد بن شيبة الحزامي بالمهملة والزاي المدني نسبه إلى جد أبيه ، وغلط بعضهم فقال : عبد الرحمن بن أبي شيبة ولفظ " أبي " زيادة على سبيل الغلط المحض ، وما لعبد الرحمن في البخاري سوى موضعين هذا أحدهما .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 469 ] قوله ( ابن أبي الفديك ) هو محمد بن إسماعيل ، وأكثر ما يرد بغير ألف ولام .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( كنت ألزم ) تقدم هذا الحديث في المناقب من وجه آخر عن ابن أبي ذئب وأوله " يقول الناس أكثر أبو هريرة " الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لشبع بطني ) في رواية الكشميهني " بشبع " بالموحدة والمعنى مختلف ، فإن الذي بالباء يشعر بالمعاوضة لكن رواية اللام لا تنفيها .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ولا ألبس الحرير ) كذا هـنا للجميع . وتقدم في المناقب بلفظ " الحبير " بالموحدة بدل الراء الأولى ، وتقدم أنه للكشميهني براءين ، وقال عياض : هو بالموحدة في رواية القابسي والأصيلي وعبدوس ، وكذا لأبي ذر عن الحموي وكذا هـو للنسفي ، وللباقين براءين كالذي هنا ، ورجح عياض الرواية بالموحدة وقال : هو الثوب المحبر ، وهو المزين الملون مأخوذ من التحبير وهو التحسين ، وقيل الحبير ثوب وشي مخطط ، وقيل هو الجديد . وإنما كانت رواية الحرير مرجوحة لأن السياق يشعر بأن أبا هـريرة كان يفعل ذلك بعد أن كان لا يفعله ، وهو كان لا يلبس الحرير لا أولا ولا آخرا ، بخلاف أكله الخمير ولبسه الحبير فإنه صار يفعله بعد أن كان لا يجده .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( ولا يخدمني فلان وفلانة ) يحتمل أن يكون أبو هريرة هو الذي كنى وقصد الإبهام لإرادة التعظيم والتهويل ، ويحتمل أن يكون سمى معينا وكنى عنه الراوي . وقد أخرج ابن سعد من طريق أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال " ولقد رأيتني وإني لأجير لابن عفان وبنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي أسوق بهم إذا ارتحلوا وأخدمهم إذا نزلوا ، فقالت لي يوما ، لتردن حافيا ولتركبن قائما ، فزوجنيها الله تعالى فقلت لها لتردن حافية ولتركبن قائمة " وسنده صحيح ، وهو في آخر حديث أخرجه البخاري ، والترمذي بدون هذه الزيادة . وأخرج ابن سعد أيضا وابن ماجه من طريق سليم بن حيان سمعت أبي يقول " سمعت أبا هـريرة يقول : نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان " الحديث .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وأستقرئ الرجل الآية وهي معي ) تقدم شرح قصته في ذلك مع عمر في أوائل الأطعمة ، وقصته في ذلك مع جعفر في كتاب المناقب .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( وخير الناس للمساكين جعفر ) تقدم شرحه في المناقب ، ووقع في رواية الإسماعيلي من الزيادة في هذا الحديث من طريق إبراهيم المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة " وكان جعفر يحب المساكين ويجلس إليهم ويحدثهم ويحدثونه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنيه أبا المساكين " قلت : وإبراهيم المخزومي هو ابن الفضل ويقال ابن إسحاق المخزومي مدني ضعيف ليس من شرط هذا الكتاب ، وقد أوردت هذه الزيادة في المناقب عن الترمذي وهي من رواية إبراهيم أيضا وأشار إلى ضعف إبراهيم ، قال ابن المنير : مناسبة حديث أبي هريرة للترجمة أن الحلوى تطلق على الشيء الحلو ، ولما كانت العكة يكون فيها غالبا العسل وربما جاء مصرحا به في بعض طرقه ناسب التبويب قلت : إذا كان ورد في بعض طرقه العسل طابق الترجمة لأنها مشتملة على ذكر الحلوى والعسل معا ، فيؤخذ من الحديث أحد ركني الترجمة ولا يشترط أن يشتمل كل حديث في الباب على جميع ما تضمنته الترجمة بل يكفي التوزيع ، وإطلاق الحلوى على كل شيء حلو خلاف العرف ، وقد جزم الخطابي بخلافه كما تقدم فهو المعتمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( فنشتقها ) قيده عياض بالشين المعجمة والفاء ، ورجح ابن التين أنه بالقاف لأن معنى الذي بالفاء أن يشرب ما في الإناء كما تقدم ، والمراد هنا أنهم لعقوا ما في العكة بعد أن قطعوها ليتمكنوا من ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية