الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد تخصصاً يناسبني وليس لإرضاء من حولي..فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ 7 أيام أنهيت دراسة الثانوية -ولله الحمد- بتقدير مرتفع يؤهلني لدخول جميع التخصصات، أصبت بالحيرة الشديدة منذ مدة، وحتى قبل التخرج تجاه التخصص الذي سأكرس الجهد والوقت والعمر في دراسته، بل وتساءلت وما زلت أتساءل ما إن كان ما تعلمت وما سأتعلم علمًا نافعًا، أنا أؤمن بضرورة التعلم، ولكن أشعر بالإحباط الشديد لدرجة أنني أشعر بأنني سألتحق بالجامعة فقط لإرضاء من هم حولي، ولمسايرة نمط حياة الفرد في القرن الحادي والعشرين، فمثلَا أنا أحب الفيزياء، وأحب الرياضيات وأستمتع بدراستهما، وأسعد بمواجهة المسائل التي تصعب علي، ولكنني أيضَا أرى بأني لا أنمي من قدراتي العقلية سوى زيادة السرعة في حساب الأرقام، والإلمام أكثر فأكثر بالرموز، ومعرفة طرق حل أكثر تعقيدًا وكأني رافع أثقال، لا شيء سوى زيادة الحمل، فأشعر حقًا بأن هذا ليس بعلم، وإنما مجرد حرفة كمن كان حدادًا، أو رامي سهام في الماضي.

أشعر بالحزن عندما لا أستطيع التفريق بين الخطأ والصواب في أبسط الأمور، أعلم بأن الفتن كثيرة وتزداد بالاستمرار، فما فائدة أن أكرس عقلي وعمري وجهدي في تخصصات كتلك؟ إن سايرت نمط الحياة السطحي فسأخصص الخمس سنوات القادمة في دراسة هندسة الكهرباء، أو هندسة البرمجيات، وإن اتبعت هواي فلن أدخل الجامعة، فمثلًا بمناسبة الإجازة بدأت بتعلم بعض العلوم البسيطة التي أشعر بأن نفسي قبل تعلمها لا تستوي مع نفسي بعد تعلمها، فمثلًا بدأت بحفظ القرآن، وتعلم علوم اللغة العربية التي ستساعدني في فهم القرآن، وقراءة كتب تتعلق بالعقيدة، ودراسة سيرة الرسول وتاريخ اليهود؛ لأن تعلم التاريخ يزيد الإنسان حكمة، وللتسلية تعلم رسم الخرائط، والاستدلال بالنجوم، وأساسيات الكهرباء والتفاضل والتكامل.

سؤالي ما هو المفهوم الصحيح للعلم النافع؟ وهل من الصواب أن أفكر هكذا؟ ولا تخبروني بأن أتخصص بالعلوم الشرعية، أو التاريخ، أو حتى اللغة العربية؛ لأن عائلتي تقف بيني وبين ذلك، كما أنني لا أريد أن أعمل فقط لخدمة الناس كالطبيب، أو المبرمج، وإنما أريد تعلم ما يقيني من الفتن ويحول بيني وبين أي فكر ضال.

أعلم بأني أفكر بشكل خاطئ، ولكن لا أعلم ما هو الصواب؟ فهل من نصيحة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لميس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإنَّنا نحبُّ أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: كم سررنا -أختنا الفاضلة- بطريقة كتابتك وحسن عرضك، وإنا -إن شاء الله- على ثقة بأن مستقبلاً حافلاً بالخير سينتظرك، نسأل الله أن تكوني ذلك وزيادة.

ثانيًا: إننا نتفق معك في طريقة تفكيرك لكنّا نختلف معك في نقطة ونظنها هامة جدًا؛ أنت تحبين الفيزياء والرياضيات وتجدين سعادة في حل شفراتها ومقابلة المسائل العويصة منها، لكن منشأ الخلل ظنك أن الأمر لا يعدو أن يكون تراكمات حسابية، وهذا خطأ، قد يكون هذا في بداية الطلب لكن عند التخصص الأمر أوسع من ذلك بكثير، والتخصصات العلمية في الفيزياء أو الرياضيات كثيرة، والأبحاث العلمية المقدمة فيها أكثر، ولا أدل على ذلك ممن أخذوا شهادات نوبل في الفيزياء لوصولهم إلى ابتكارات غير مسبوقة، وعليه فالنظرة هذه -أختنا الفاضلة- قاصرة وناقصة معًا.

ثالثًا: إننا ننصحك بدخول فرعي الفيزياء أو الرياضيات فإن هذا أفضل لك، وهي من العلوم النافعة، وقد يفتح الله على يديك ما ينفع به أمة الإسلام والعالم من حولك وما ذلك على الله بعزيز.

رابعًا: أنت مأجورة -أختنا- على طلب هذه العلوم، والأمة تحتاج إلى متخصصين في الطب والهندسة والصيدلة والفيزياء وكل العلوم التجريبية كحاجتها إلى العلوم الشرعية، وكل مأجور على طلبه ما دامت نيته صالحة.

خامسًا: نوصيك مع دراستك تخصيص وقت آخر لطلب العلم الشرعي على ألا يضر بدراستك الأصلية، ويمكنك في الإجازات قطع أشواط كبيرة، وبذلك تجمعين بين الحسنيين.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسددك، وأن يرعاك، وأن يكتب لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً