الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع الموازنة بين علاجي ودراستي..هل أغير التخصص؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

كنت طالبة في أحد أقسام الهندسة، وأردت التحويل للصيدلة، ولكني لم أستطع بسبب فرق المجموع، وحاولت التحويل عن طريق الكلية، ولكني في تلك الآونة مرضت، وانشغلت في مرضي، فقررت العدول عن التحويل للصيدلة والتحويل للهندسة المعمارية، واستخرت ولم أشعر بأي شيء، ولكني اعتقدت أنه مناسب، وكنت متفائلة، فقدمت الطلب، وتم قبولي.

بدأت السنة الدراسية، ووجدت أن المساقات جدًا متعبة، وأنا من الناس الذين لا يستطيعون ترك مسؤولياتهم أبدًا، فإني أقضي من أيامي في الدراسة عدا النوم، وفي كل مرة أحاول بدون استسلام، ولكني أفشل فشلًا كبيرًا جدًا.

الآن أعيش في حيرة كبيرة؛ لأن ما يحصل يسبب لي التوتر الكبير، وعندما مرضت أخبرني الأطباء أنه يجب الابتعاد عن التوتر تمامًا؛ لأنه سوف يعيد لي المرض من جديد.

والآن أنا لا أستطيع الموازنة بين علاجي ودراستي؛ لأنها تأخذ كل وقتي، وأهلي يقترحون علي التغيير من جديد؛ لأنهم يلاحظون مدى تعبي، وأن التغيير ربما يتيح لي المجال في المحافظة على صحتي النفسية والفيزيائية؛ ولكني في حيرة من أمري كثيرًا؛ ومنذ شهر بدأت في استخارة جديدة، ودعوت الله أن يوضح لي الأمور.

هل فشلي يكون إجابة لاستخارتي، وأنه ربما يجب علي تغيير الكلية أو العودة للتخصص السابق؟ مع أني أحاول ولا أقصر في دراستي أبدًا؛ إذًا لم أفشل؟! هل يقودني الله لوضع آخر؟ وكيف لي أن أفهم جواب استخارتي؟

أرجو المساعدة؛ لأني أصبحت أعاني من اكتئاب جلب لي أفكارًا انتحارية حادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية: صلاة الاستخارة سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف، وهي طَلَبُ الخِيَرَةِ من الله عز وجل، فإن كان المسلم في حاجة لاختيار بين شيئين، وصلى الاستخارة واختار أحدهما، وتيسر وحدث ذلك الشيء؛ فهو الخير، وإن تعطل ولم يحدث فهو أيضاً الخير له.

والاستخارة ليس لها علاقة بالاكتئاب أو الأفكار الانتحارية أو غيره، إنما عليك هو التوكل على الله في أداء الأمر، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾ فإن هيأ الله لك الأمر وسددك فيه وسهله لك فهو ممَّا اختاره الله لك، وإن أبعدك عنه فهذا ممَّا قدر الله أن صرفه عنه، لذا عليك التركيز على ما ترتاحين له أنتِ.

وليس الإصرار على إنجاز أمرٍ ما يفوق قدراتنا وطاقتنا يعد شجاعة!، بل إن الشجاعة وحفظ النفس يكون في الانسحاب من ذلك الشيء، فحفظ النفس يكون بإبعادها عن كل ما يسبب لها الضغط النفسي؛ لما في ذلك من تأثيرات على أعضاء جسده فيما بعد.

- إذا كنتِ ترين أن الهندسة المعمارية تخصصاً متعباً، ويفوق قدراتك، ولا تستطيعين أن تكملي دراستك فيه، فالأفضل التحويل لتخصص يمكنك الإنجاز فيه بشكل مرن، وتنهين المواد والمشاريع وتتخرجين.

- ليكون قرارك صائبًا، عليك الاستنارة أكثر عن تخصص الهندسة المعمارية، اسألي الطالبات اللواتي في السنة التي تلي السنة التي أنت فيها الآن، واسألي الخريجين عن فرص العمل المتاحة، وعن صعوبة المواد وإمكانية النجاح، وقارني ذلك كله بتخصص الهندسة الذي كنت قد سجلتِ به أول دخولك الجامعة، فهذا يساعدك في أن يكون قرارك مرتبطًا بالوقائع.

- الانتحار هو هروب من الواقع وليس مواجهة الواقع، وهذا هو الفرق بين من يقهر ظروفه وينتصر عليها وبين من يسيطر عليه اليأس والخوف والظروف فينتحر! لذلك عليك أن تفكري بطريقة إيجابية قبل أن تفكري بطريقة سلبية، والإيجابي أن لديك عدة خيارات وأنتِ صاحبة القرار، فليس هناك ما يستدعي الاستسلام للأفكار والمشاعر السلبية، وتذكري أن البعض يكمل دراسة البكالوريوس في تخصص ما، وبعد أن يتخرج يكتشف أنه دخل تخصصًا راكدًا أو مشبعًا من الخريجين؛ فيعود ثانية ويدرس تخصصًا آخر أو يُكمل دراسة الماجستير في تخصصٍ مغاير.

- الانتحار من أكبر الكبائر - ابنتنا الكريمة - وقد قال الله جل وعلا: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29] ، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء:30]، وقد بيَّن النبي (ﷺ) أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (ﷺ) قال: «‌مَنْ ‌تَرَدَّى ‌مِنْ ‌جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» [رواه البخاري ومسلم].

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً