الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناة مع عملي في المحاماة بسبب الرشاوي وضعف الراتب!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تخرجت من كلية الحقوق "انجليزي" بتقدير جيد جدًا، وأخذت دبلومًا في العلوم الإدارية، ودبلوم إدارة الموارد البشرية وICDL.

مارست المحاماة لمدة ٧ شهور، ولكني أشعر أني ساعي فقط، فأنا أسافر إلى خارج محافظتي، وأتقاضى فقط ٤٠ جنيهًا دون حساب مجهودي، وأيضًا تعبت من المعاملة من داخل المكتب، خاصة أن بنتاً صغيرة في السن هي التي على رأس الإدارة، وأسلوبها متعجرف وحاد، وأيضاً الرشاوي التي أدفعها للموظفين من أجل القيام بالأعمال.

أيضاً الراتب ضعيف لا أستطيع فتح بيت به، فهو لا يسمن ولا يغني من جوع، كل ذلك دفعني إلى البحث عن عمل آخر.

أريد نصائحكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولاً: أنت إنسان ناجح، فلا تجعل الأحداث التي حولك تنسيك نجاحك -الحمد لله- قد تعلمت وأنجزت دراستك للمحاماة باللغة الإنجليزية وأخذت دبلوم إدارة الموارد البشرية، وهذا يعني أنك ناجح من الناحية العلمية؛ لذا أول ما يجب عليك هو الفصل بين الواقع الذي يعيشه آلاف الخريجين مثلك وبين نجاحك.

ثانيًا: لا نود مطلقًا أن تترك مجال تخصصك حتى ولو كان الراتب قليلاً، حتى ولو كانت العقبات كبيرة؛ فإن بداية الحياة العملية لابد أن تمر بمثل هذه المنعرجات، بالطبع هي قاسية وكلفتها المادية أكبر من مردودها، لكن هذا وضع طبيعي، وفي نفس الوقت تفتح لك آفاقًا كثيرة للمعرفة، والمكتسبات الحياتية أمر هام جدًا في التقدم فيها، المهم أن تراعي فيها ما يلي:

1- حافظ على ثوابت دينك وأصول شريعتك، واعلم أن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

2- اعلم أن الرزق ليس في كثرة المال، بل في البركة فيه، فقد يمنح الله العبد أموالاً طائلة ثم يبتليه بمرض واحد ينفق فيها كل ما جمع، وفي ذات الوقت لا يكفيه، وقد يمنح الله العبد أموالاً بسيطة، وقد عافاه في بدنه وسمعه وبصره وأهله، فيتحرك كل يوم للأمام، وهو محفوظ بحفظ الله مستشعر قيمة البركة في ماله.

3- ستجد في حياتك العملية من يشتري الدنيا بالآخرة، وستجد من يشتري دنيا غيره بدنياه وآخرته، ومن لا يتورع أن يظلم الناس ويضحك عليهم ويستحل أموالهم، اعلم -يا أخي- أن الله يمهل هؤلاء، ويعد لهم عدًا، فاحذر السير معهم، واصحب خيار الناس وإن كانوا قلة.

ثالثًا: نريدك وأنت تمارس ما درست أن تفتح مشروعًا ولو صغيرًا، أن تبحث عن شيء يساعد، وفي نفس الوقت لا يصرفك عن دراستك وما تعلمته، فهذا سيكون حافزًا مساعدًا لك.

رابعًا: بعد أخذك بكل الأسباب المادية التي تستطيعها، عليك كذلك بالأسباب الشرعية في زيادة الرزق وهي:

1- تقوى الله ومراقبته والتوكل عليه قال تعالي: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). {الطلاق 3,2 }، فقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العبد قد يحرم الرزق بسبب ذنوبه، فقال: (وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

2- الصلاة على وقتها والإيمان بالله المدبر لحياتك، قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى). {طه:132 }.

3- كثرة الاستغفار قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).{نوح:12،11،10}.

4- صلة الرحم؛ فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أحب أن يُبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه). متفق عليه من حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.

5- التصدق ولو بالقليل، فقد قال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) {سبأ:39}.

وأخيرًا: لُذْ بالدعاء في كل وقتٍ، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل الله الرزق الطيب، فعن أم سلمة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أصبح قال: "اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملاً متقبلاً".

بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً