الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد تأجيل الدراسة حتى أتمكن مادياً، وأهلي لم يوافقوا!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في تركيا، حققت حلمي ودخلت الفرع الذي أتمناه، ولكن وبسبب عقبات مادية اضطررت إلى تجميد قيدي لمدة سنة من أجل العمل، فعملت طوال هذه السنة، ولكني خسرت نصف النقود الذي ربحتها في التجارة، حيث كنت مبتدئاً بالتجارة، ولكني بدأت أربح منذ شهر، بعد أن تعلمت أساسيات التجارة جيداً.

الآن أريد أن أجمد قيدي لسنة أخرى، وأن أعمل بالتجارة حتى أوفر مصروفي طوال فترة الدراسة بدون تعب، ولكن أهلي يعارضون الفكرة بشدة، بسبب خوفهم من أن أفشل مجدداً، ويريدون مني أن أدرس عن طريق الاستدانة -بدون فائدة طبعاً-، ولكن هذا الشيء سيجعل الديون تتراكم علي طول فترة دراستي، وسأضطر إلى العمل كعامل بعد الجامعة حتى أحصل على مصروفي، وهذا سيؤثر على دراستي كثيراً.

أما إذا أجلت دراستي سنة أخرى، فسأعمل بالتجارة على الإنترنت، وهذا لن يؤثر على دراستي أبداً، وأستطيع أن أربح أضعاف مصروفي شهرياً، وبهذا سأتخرج من الجامعة مع رأس مال كبير، بدل أن أتخرج مع دين يجب دفعه، مع العلم أن الفرع الذي دخلته هو الفرع الذي أتمناه، وهو هندسة الطيران، ونيتي من دراسته أن أنفع الأمة، وليس وسيلة لكسب لقمة العيش، ولذلك أريد أن أدرسه وأنا مرتاح نفسياً ومادياً، حتى أبدع فيه، ولكن أهلي يهددوني أنهم سيغضبون علي إذا أجلت سنة أخرى، فهل من نصيحة لي ولأهلي؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به، فاعلم ما يلي:
أولاً: إننا نحمد الله إليك نيتك الحسنة، وطلبك العلم لنفع المسلمين هو لون من ألوان العبادة لله عز وجل، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات"، فكل نية صالحة تسبق أي عمل يريد صاحبه به تقوى الله ونفع الخلق، فليعلم أنه على خير -إن شاء الله-.

ثانياً: حرصك على بر والديك دليل خير فيك، وهو جسر لأمرين:
- جسر لمرضاة الله عز وجل عليك.
- وجسر لصلاحك في الدنيا، وتوفيق الله لك.
ضع هذا -يا أخي- نصب عينيك، فوالله ما وجدنا باراً بوالديه خاسراً، ولا عاقاً لوالديه رابحاً، فطب نفساً ببرك، واعلم أنك معان بإمر الله ما نويت برهما.

ثالثاً: إننا نتفهم حديثك، وندرك نيتك، ولكن التجارة لا يخفاك أنها ربح وخسارة، وأنها تسرق عمر الإنسان دون أن يشعر، والربح العاجل ينادي على الآجل، والإنسان عندها، مهما كانت نيته حسنة سيكون أسيراً لذلك.

نحن لا نذم التجارة بل نشجع عليها، ونحث الشباب على أن يعملوا ويتاجروا، لكن نقطة اختلافنا معك هي تأجيلك للدراسة من أجل التجارة، هذا ما نخالفك فيه، ونرى أن تفعل ما يلي:

1- أن تتصل بوالديك الآن وتخبرهما أنك طوع أمرهما، ورهن إشارتهما، وأنك ستفعل براً بهما ما أرادا، وأنك تطلب منهما الدعاء والعون، حتى تستريح نفوسهما وتهدأ.
2- قسم التجارة التي تمارسها إلى قسمين: قسم لا يعرفه إلا أنت، واجعله الأقل لكن الأهم، وقسم وظف فيه بعض الشباب، واجعل هذا القسم هو ما يستهلك منك الوقت والجهد.
3- ابدأ دراستك، واجعل لها الجهد الأكبر من وقتك، وتابع عملك بالهاتف، واجعل للتجارة فضل وقتك لا كله.

وأخيراً: اعلم -أخي الكريم- أن التجارة وإن أعطتك الربح الأدنى بهذه الطريقة، إلا أنك ربحت ثلاثة أمور:
- شهادتك.
- برك بوالديك.
- قيام تجارتك.

فاستعن بالله عز وجل، وثق أن الله سيكرمك ولن يخذلك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً