الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرهت تخصصي الجامعي، ولا أستطيع إيجاد البديل، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا في السنة الأولى تخصص التمريض، بعد أن كنت من المتفوقات، وأطمح في دخول كلية طب الأسنان، لم أحصل على معدل في الثانوية العامة، بسبب تقصيري وإدماني على الهاتف بشكل مبالغ به، وعند تسجيل التخصصات دخلت التمريض، نظراً لكونه تخصصاً مطلوباً بسوق العمل، والآن غير مرتاحة.

وما يجعلني لا أرغب بالتخصص أني دخلته وأنا أشعر بأنني ناقصة، فإخوتي جميعهم أطباء ومهندسين، وعندما أفكر في طبيعة عملي مستقبلاً، وأنني أتحرك وفقاً لأوامر طبيب، وبأنني سأدرس 4 سنوات، وفي النهاية كل ما سأقوم به هو قياس العلامات الحيوية، وإعطاء الحقن بناء على أمر الطبيب، هذا يجعلني أشعر بنقص، فليس هذا ما أردته لنفسي!

ثانياً فإن التطور الوظيفي في هذا التخصص -وخصوصاً في بلدي- محدود جداً، فأغلب الممرضين حاصلين على درجة الماجستير في التخصص، ولم يتطوروا وظيفياً، ولا زالوا يؤدون نفس الأعمال منذ بداية تخرجهم، والحل الوحيد للتطور هو الدكتوراة، والتي يجب أن أحصل عليها من دولة أجنبية، وأنا فتاة والسفر صعب.

ثالثاً وهو الأهم أنني اكتشفت حديثاً بعد أن تخلصت من إدماني على الهاتف، وبدأت أجالس نفسي أكثر مما مضى، أنني ربما لا أناسب الجانب الطبي، فأنا لا أحب أن أعمل بيدي، فأنا أحب استخدام عقلي أكثر، وهذا يجعلني لا أناسب مجال عملي مستقبلاً.

أدرك أن أسبابي سطحية، وتدل على تخلف في تفكيري، ولكنها أفكاري ولا يمكنني التحكم بها، أريد أن أخرج من التخصص، ولكن لا يمكنني إيجاد بديل، فالكل يقول بأنني سأندم إن حولت، ثم بعد التخرج سأبقى دون وظيفة على عكس التمريض.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رؤى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

سعدنا بهذا التواصل وحسن العرض للسؤال، ونحب أن نؤكد لك أن الأُمّة بحاجة لكل التخصصات، ولكل الدارسين والدارسات من أبنائها، وعليه نحن ندعوك إلى إكمال هذا المشوار والتفوق فيه، والحرص على الاستمرار في الدراسة، إن لم يكن اليوم فغدًا، فالإنسان إذا خرج وتخرّج بمؤهِّلاتٍ عالية - سواء كان في البكالوريوس أو بعدها مرحلة الماجستير، فإن هذا يفتح أمامه طريقًا إلى النجاح، واعلمي أن الطبيب لا يمكن أن يقوم بعمله ما لم يكن يدرس العلامات الحيوية ويرصد هذه الأشياء، هذا هو الذي يُبيِّن البيانات الفعلية للطبيب، وكل عملٍ يُمارسه الإنسان عمل شريف يأخذ منه رزقًا حلالاً هو عملٌ ينبغي أن ننظر إليه بهذه النظرة الجميلة، ونسأل الله أن يُعينك على تقبّل هذا الوضع.

ونحب أن نؤكد لك أن العودة إلى الوراء والتفكير في ترك هذا التعليم أو التوقف فجأة في منتصف الطريق أو في بداياته بعد أن دخلت هذا المجال؛ كلُّ هذا فعلاً سبيل للندامة، وتعوّذي بالله من شيطانٍ همُّه أن يُحزن أهل الإيمان، والإنسان يمضي في هذه الحياة دون أن يقول: (لو كان كذا كان كذا) ولكن يقول: (قَدَرُ الله/ قدَّر الله وما شاء فعل)، لأن (لو) تفتح عمل الشيطان، والشيطان همُّه أن يثبط هذا الإنسان، أن يُقعده عن المعالي وفضائل الأمور.

لذلك أرجو أن تكوني حريصة على:
أولاً: الطاعة لله تعالى والقيام بما عليك من واجباتٍ شرعية.
ثانيًا: الابتعاد عن كل ما يُضيع الوقت بالنسبة لك.
ثالثًا: تحسين الصلة بينك وبين الله تبارك وتعالى.
رابعًا: الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن، حتى تطردي الشيطان ووساوس الشيطان.
خامسًا: تنظيم جدول الدراسة والمذاكرة، والحرص على التميز؛ لأن كل التخصصات الآن أصبحت أعدادًا كبيرة، لكن المكان والساحة للمتميزين والمتميزات، فالتميُّز في هذا الجانب يجعل منك مستقبلاً ليس مجرد عاملة في مجال التمريض، ولكن مدرّسة، أو متخصصة، أو دكتورة جامعية في هذا المجال.

والإنسان إذا انتهى من البكالوريوس ثم الماجستير لا يضرُّه بعد ذلك متى سيُكمل الدكتوراة، فهذه المرحلة قد تكون متأخرة، لكن في النهاية المكان والفرصة لمن تفوقوا في مراحل التعليم الأولى.

وعليه نحن ندعوك إلى:
- الانصراف إلى ما خُلقت له (العبادة).
- الحرص على تنظيم الوقت والاجتهاد.
- النظر للحياة بثقة في الله تبارك وتعالى، بأملٍ جديدٍ وبثقة في ربنا الكريم المجيد، سبحانه وتعالى.
- اعلمي أن الإنسان إذا قام بما عليه وبذل المجهود سينال ما يريد.
- الإنسان عليه أن يتوكل على الله ويستعين به، والتوكل على الله لا يكون إلَّا ببذل الأسباب، فالمؤمنة تبذل الأسباب ثم تتوكل على الكريم الوهّاب سبحانه وتعالى.

ونحن لا نريد أن نقول: هذه الأسباب ليست موضوعية، نحن استمعنا إليها، ولكن نُصحنا لك أن تستمري وتُكملي هذا المشوار، أربع سنوات، ثم بعد ذلك ستتضح أمامك معالم الطريق، طريق الحياة العملية، وكما أشرتُ التمريض العادي، التمريض من الوظائف المطلوبة المضمونة، والتي يمكن أن تكون مفتاحًا لما بعدها، وكل هذه المجالات تطور مذهل، ونسأل الله أن يُعينك على التفوق والنجاح، ونكرر لك الشكر على التواصل مع الموقع، وأرجو أن تنصرفي عمَّا يشغلك عن الجد وطلب المعالي.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً