الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموازنة بين حفظ القرآن والدراسة

السؤال

السلام عليكم

أنا طالب جامعي بالفرقة الأولى، وبعمر 20 عاماً.
سابقًا: في عمر 4 سنوات بدأت بحفظ القرآن، عند شيخ، واستمريت 8 أعوام متتالية، من بداية قصار السور إلى سورة فصلت، وبعدها إلى سورة البقرة، أي نحو ثلث القرآن الكريم.

للأسف شغلتني الدراسة عن حفظ القرآن الكريم، بسبب أن واجباتها المدرسية كانت كثيرة، وبأني كنت أرجع من المدرسة، والدراسة الخصوصية بعد صلاة المغرب والعشاء، وكنت أرجع منهكًا متعبًا ثم أنام لأستيقظ مبكرًا للمدرسة.

حاليًا وأنا طالب جامعي أعاني نفس المشكلة؛ لأن الجامعة تبعد عني مسافة 55 كيلو متر عن منزلي بأي سيارة خاصة، وتبعد بالمواصلات مسافة 80 كيلو متراً، فأستغرق يوميًا 2 ساعة لـ 3 ساعات في الذهاب فقط للجامعة، وعند الإياب 2 ساعة لـ 3 ساعة بمتوسط 5 ساعات ذهابًا وإيابًا للجامعة دون وقت المحاضرات، أي اليوم كامل بمتوسط 10 ساعات، وطبعًا أرجع منهكًا متعبًا وأنام، وفي الإجازة أتكاسل عن فعل أي شيء؛ لأنها بالنسبة لي راحة واستراحة من تعب السفر كل يوم.

للأسف لا يمكنني أخذ سكن جامعي أو خارجي؛ لأن المسافة 50 كيلومتر من منزلي للجامعة، وتعتبر صغيرة بالنسبة للجامعة، وبالنسبة للسكن الخارجي فهو مكلف أكثر من ثمن المواصلات فالذهاب مواصلات، ذهاب وإياب أفضل في التكلفة.

كيف أوازن كل هذا الوقت لأخصص جزءًا من يومي لحفظ القرآن الكريم كاملًا في عام أو عامين بمفردي، لأنني لا أريد الذهاب إلى شيوخ تجنبًا للضغط النفسي، ولأنني أجيد أحكام القرآن الكريم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن ييسّر لك أمورك، ويُعينك على تحصيل الخير، ويكتب لك الفوز والنجاح، ونشكر لك - حبيبنا - حرصك على حفظ كتاب الله تعالى، ونتمنّى أن تبذل ما تقدر عليه من الجهد لتحقيق هذه الغاية النبيلة السامية، فإن حفظ كتاب الله تعالى فيه فوائد عظيمة في دنياك وفي أخراك، وهذا الخير الكثير والفضل الكبير الذي سيعدُّه الله تعالى لك بسبب هذه الطاعة العظيمة، ولحفظ القرآن، هذا الجهد الكبير والخير الكثير يحتاج أن تبذل في سبيله جُهدًا وتتعنّى في تحصيله، والأجر على قدر المشقة، كما في القاعدة الشرعية التي نطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

وصولك - أيها الحبيب - إلى ما تهدف إليه وترجوه أهم أسبابه تنظيم الوقت وترتيب الوقت، فنصيحتنا لك أن تخصِّص وقتًا يسيرًا بعد استيقاظك من نومك في الوقت الذي تكون فيه قد أخذت حظَّك من الراحة واستراح ذهنك، فتخصِّص هذا الوقت لحفظ شيءٍ ولو يسيرًا من القرآن الكريم، كصفحة واحدة، أو أقلّ إن لم تقدر على الصفحة، ثم تشتغل أثناء طريقك بمراجعة هذا المحفوظ الذي تحفظه، وهذا أمرٌ ميسرٌ سهل، وممَّا يعينك أيضًا أن تقرأ ما تحفظه في صلواتك النوافل، وبهذا تثبّت ما تحفظه من القرآن.

ممَّا يُعينك كذلك -أيها الحبيب- مصاحبة الشباب الطيبين الصالحين الذين يُشاركونك نفس الأهداف، وأن تحاول أن تتعاون معهم على تحقيق هذا الهدف.

الأمر الرابع: أن تضع جدولاً زمنيًّا يمكنك من خلاله فعلاً تحقيق هذا الهدف، وألَّا تكون مثاليًّا، فحقِّق بقدر ما يُتيحه لك وقتُك وقدراتُك، فليس بالضرورة أن تحفظ القرآن في عامٍ واحدٍ أو في عامين، فإن قدرت على هذا فالحمد لله، ولكن إن لم تقدر ضع برنامجًا زمنيًّا يتناسب مع ما يمكنك تنفيذه.

خير ما نوصيك به -أيها الحبيب- التوجُّه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، والسؤال أن ييسّر لك هذا الخير، وأن يُعينك عليه، وأن يُحبّبه إليك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً