الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعود للأدوية لعلاج ثنائية القطب؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شخصت حالتي منذ أن كنت في سن 21 عاما بثنائية القطب من الدرجة الثانية، ثم بعد سنين أخذت أدوية للاكتئاب.

ومنذ سنتين تقريبا طلبت من الطبيب توقف العلاج؛ لتحسن حالتي وخاصة أنني كنت أتابع مع إخصائية نفسية بنظام العلاج السلوكي المعرفي، ومنذ 3 أشهر تدهورت حالتي، وأعتقد أني كنت مصابة بهوس أو انفصام، وتحكم أفكار تخص الجن تسيطر علي، وكنت لا أستطيع النوم، وبدأ يؤثر الأمر على تركيزي وخاصة في الصلاة، وقراءة القرآن.

وحاليا أحس أنني سوف أموت قريبا، وأخاف أن آخذ قرار مصيريا، أو أي شيئا يخص المستقبل، وذهبت إلى الطبيب لأخذ العلاج، ولكني رفضت؛ لأني وجدت شيوخا يقولون إن الاكتئاب ليس مرضا، ويجب مجاهدة النفس، وعندما أخذت أول قرص من العلاج لم أستطع القيام لصلاة الفجر، وخفت أن لا أستطيع القيام بصلاة الفجر مع العلاج، ولم أستحمل إحساس التخدير، وجفاف الريق، (رايبياكس 6/25مجم-وبريانيل 400 مجم).

وأنا لا أريد أن آخذ الأدوية، ولكني أخاف أن يكون هذا مرضا ويجب أخذ علاج له، وتمنعي عن العلاج يكون أمرا محرما، فهل يجب أن آخذ العلاج، أم علي مجاهدة نفسي؟

لا أعلم هل هذا أمر له أهمية، ولكن الأمراض النفسية منتشرة في عائلة أمي وأبي، وبعض الحالات فيهم تأخذ علاجا لمدى الحياة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: الاضطراب الوجداني ثنائي القطب علّة نفسيّة معروفة، وطريقة علاجها أيضًا معروفة، وما دام الثقات من الأطباء قد شخّصوا حالتك هذه فعليك بالعلاج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما جعل الله من داءٍ إلَّا جعل له دواء) وأمر بالتداوي فقال: (تداووا عباد الله)، وبفضلٍ من الله تعالى الاستكشافات العلمية أثبتت التأثرات التي تحدث في كيمياء الدماغ، والتي تؤدي إلى هذا المرض.

ويا أيتها الفاضلة الكريمة: الحكمة ضالة المؤمن، أينما وجدها فهو أحق الناس بها، والحكمة هنا في تناول الدواء، فلا تحرمي نفسك من هذه النعمة العظيمة، والإسلام يحث على حفظ النفس وحفظ العقل وحفظ الدين وحفظ النسل، هذه من الضروريات أيتها الفاضلة الكريمة، فلا تعرّضي نفسك للتهلكة المرضية من خلال مفاهيم خاطئة، ونحن نقول: إن العلاج متعدد الأركان، يجب أن يكون علاجًا دوائيًا إذا كان هذا هو المقرر، وعلاجًا نفسيًّا، وعلاجًا اجتماعيًّا، وعلاجًا إسلاميًّا. هذه المكونات الأربعة تلتقي مع بعضها البعض، فأرجو الذهاب إلى الطبيب، وأن تبدئي العلاج مباشرة.

والأدوية إن كان لها أثر جانبي بلّغي الطبيب وسوف يعطيك أدوية أخرى، أدوية قليلة الآثار الجانبية، أو يمكن أن يبدأ معك الجرعات بالتدريج ويتم بناء الجرعة، فلا تحرمي نفسك - أيتها الفاضلة الكريمة - من نعمة العلاج هذه، وأنا أودُّ أن أؤكد على حقيقة مهمّة جدًّا، وهي: أن التدخُّل العلاجي المبكّر يؤدي إلى نتائج علاجية إيجابية وممتازة جدًّا، أمَّا تأخير العلاج فيجعل المرض يتمكّن ويتأصّل، وبعد ذلك تصعب الرجعة.

فأرجو أن تذهبي إلى الطبيب وتبدئي في تناول العلاج، وتوجد أدوية ممتازة جدًّا لعلاج ثنائية القطب بدون أي آثار جانبية.

موضوع مدة العلاج: هذه يجب أن تترك للأطباء، وصاحب الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية إذا حدثت له أكثر من انتكاستين فيجب أن يستمر على العلاج ولا يتوقف عنه أبدًا، ويعتبر نفسه مثل مرض السكر الخفيف أو مريض الضغط، هؤلاء يتناولون أدويتهم بصفة مستمرة وبكل انشراح وترحاب وقبول.

أؤكد مرة أخرى: يجب أن تسير الأمور في مصلحتك، وأنا أرى أن العلاج والمتابعة يُمثل المصلحة الحقيقية بالنسبة لك، وديننا الإسلامي يحثنا دائمًا على ما هو طيب وإيجابي، وربما يكون واجبًا أيضًا في بعض الأحيان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً