الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
89 - باب القول والدعاء ليلة البراءة

530 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو صالح خلف بن محمد ببخارى ، حدثنا صالح بن محمد البغدادي الحافظ ، حدثنا محمد بن عباد حدثني حاتم بن إسماعيل المدني عن نضر بن كثير ، عن يحيى بن سعيد ، عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : لما كانت ليلة النصف من شعبان انسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرطي ، ثم قالت : والله ما كان مرطنا من خز ولا قز ولا كرسف ولا كتان ولا صوف . فقلنا : سبحان الله ! فمن أي شيء ؟ ! قالت : إن كان سداه لشعر ، وإن كانت لحمته لمن وبر الإبل . قالت : فخشيت أن يكون أتى بعض نسائه ، فقمت ألتمسه في البيت فتقع قدمي على قدميه وهو ساجد, فحفظت من قوله وهو يقول : " سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن لك فؤادي ، أبوء لك بالنعم ، وأعترف بالذنوب العظيمة ، ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برحمتك من نقمتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " . قالت : فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائما وقاعدا حتى أصبح ، فأصبح وقد اضمغدت قدماه [ ص: 146 ] فإني لأغمزها وأقول : بأبي أنت وأمي ، أتعبت نفسك ، أليس قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ أليس قد فعل الله بك ؟ أليس ؟ أليس ؟ فقال : " يا عائشة ! أفلا أكون عبدا شكورا ؟ هل تدرين ما في هذه الليلة ؟ " . قالت : ما فيها يا رسول الله ؟ ! فقال : " فيها أن يكتب كل مولود من مولود بني آدم في هذه السنة ، وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة ، وفيها ترفع أعمالهم ، وفيها تنزل أرزاقهم " . فقالت : يا رسول الله ! ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله ؟ قال : " ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله " . قلت : ولا أنت يا رسول الله ؟ ! فوضع يده على هامته فقال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة " يقولها ثلاث مرات .

[ ص: 147 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية