الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            السؤال العاشر : إذا عرض أمر في دار من حريق أو هجوم سارق أو ظهور منكر فهل يجب الاستئذان ؟ الجواب : كل ذلك مستثنى بالدليل فهذا جملة الكلام في الاستئذان ، وأما السلام فهو من سنة المسلمين التي أمروا بها ، وأمان للقوم وهو تحية أهل الجنة ومجلبة للمودة وناف للحقد والضغينة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام ونفخ فيه الروح عطس ، فقال الحمد لله ، فحمد الله بإذن الله ، فقال له ربه يرحمك ربك يا آدم اذهب إلى هؤلاء الملائكة - وهم ملأ منهم جلوس - فقل السلام عليكم ، فلما فعل ذلك رجع إلى ربه فقال هذه تحيتك وتحية ذريتك " .

                                                                                                                                                                                                                                            وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حق المسلم على المسلم ست ; يسلم عليه إذا لقيه ، ويجيبه إذا دعاه ، وينصح له بالغيب ، ويشمته إذا عطس ، ويعوده إذا مرض ، ويشهد جنازته إذا مات " وعن ابن عمر قال قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " إن سركم أن يسل الغل من صدوركم فأفشوا السلام بينكم " .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( ذلكم خير لكم ) فالمعنى فيه ظاهر ، إذ المراد أن فعل ذلك خير لكم وأولى لكم من الهجوم بغير إذن ( لعلكم تذكرون ) أي لكي تتذكروا هذا التأديب فتتمسكوا به ، ثم قال : ( فإن لم تجدوا فيها ) أي في البيوت أحدا ( فلا تدخلوها ) لأن العلة في الصورتين واحدة وهي جواز أن يكون هناك أحوال مكتومة يكره إطلاع الداخل عليها ، ثم قال : ( وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا ) وذلك لأنه كما يكون الدخول قد يكرهه صاحب الدار فكذا الوقوف على الباب قد يكرهه ، فلا جرم كان الأولى والأزكى له أن يرجع إزالة للإيحاش والإيذاء ، ولما ذكر الله تعالى حكم الدور المسكونة ذكر بعده حكم الدور التي هي غير مسكونة ، فقال : ( ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة ) وذلك لأن المانع من الدخول إلا بإذن زائل عنها واختلف المفسرون في المراد من قوله : ( بيوتا غير مسكونة ) على أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : وهو قول محمد بن الحنفية أنها الحانات والرباطات وحوانيت البياعين والمتاع المنفعة ، كالاستكنان من الحر والبرد ، وإيواء الرحال والسلع والشراء والبيع ، يروى أن أبا بكر قال يا رسول الله إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان وإنا نختلف في تجارتنا فننزل هذه الخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن ؟ فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنها الخربات يتبرز فيها ، والمتاع التبرز .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : الأسواق .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : أنها الحمامات .

                                                                                                                                                                                                                                            والأولى أن يقال إنه لا يمتنع دخول الجميع تحت الآية فيحمل على الكل ، والعلة في ذلك أنها إذا كانت كذلك فهي مأذون بدخولها من جهة العرف ، فكذلك نقول إنها لو كانت غير مسكونة ولكنها كانت مغصوبة ، فإنه لا يجوز للداخل أن يدخل فيها لكن الظاهر من حال الخانات أنها موضوعة لدخول الداخل .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله : ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) فهو وعيد للذين يدخلون الخربات والدور الخالية من أهل الريبة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية