الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما المسكن فقوله تعالى : ( ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 52 ] المسألة الأولى : قرئ مدخلا بضم الميم وهو من الإدخال ، ومن قرأ بالفتح فالمراد الموضع .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قيل في المدخل الذي يرضونه : إنه خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم ، لها سبعون ألف مصراع ، وقال أبو القاسم القشيري : هو أن يدخلهم الجنة من غير مكروه تقدم ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنما قال يرضونه لأنهم يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر فيرضونه ولا يبغون عنها حولا ، ونظيره قوله تعالى : ( ومساكن ترضونها ) [ التوبة : 24 ] وقوله : ( في عيشة راضية ) [ الحاقة : 21 ] وقوله : ( ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) [ الفجر : 28 ] وقوله : ( ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ) [ التوبة : 72 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : إن قيل : ما معنى ( وإن الله لعليم حليم ) ؟ وما تعلقه بما تقدم ؟ قلنا : يحتمل أنه عليم بما يستحقونه فيفعله بهم ويزيدهم ، ويحتمل أن يكون المراد أنه عليم بما يرضونه فيعطيهم ذلك في الجنة ، وأما الحليم فالمراد أنه لحلمه لا يعجل بالعقوبة فيمن يقدم على المعصية ، بل يمهل ليقع منه التوبة فيستحق منه الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية