الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( قائم )

                                                                                                                            ش : يعني أنه يستحب أن يكون المؤذن قائما اتباعا لما مضى عليه السلف ولأنه أقرب إلى التواضع وأبلغ في الإسماع ، قال في الأم قال مالك : لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا ، وأنكر ذلك إنكارا شديدا ، وقال : إلا من عذر يؤذن لنفسه إذا كان مريضا انتهى .

                                                                                                                            ولفظ البراذعي : ولا يؤذن قاعدا إلا من عذر لنفسه إذا كان مريضا ، قال ابن ناجي : يريد على سبيل التحريم كما سيأتي الآن وإنما نهى عنه ; لأن المقصود من الأذان الإسماع ، وهو من القائم أبلغ وفي كتاب أبي الفرج عن مالك جوازه وعزاه عياض لأبي الفرج كالرواية ، قال ومثله لأبي ثور ، وكل العلماء كافة على أنه لا يجوز الأذان قاعدا إلا لمريض لنفسه ، قال النووي : وهذا ليس كما قال ; لأن مذهبنا المشهور أن القيام سنة فلو أذن قاعدا لغير عذر صح أذانه لكن فاتته الفضيلة وكذلك لو أذن مضطجعا مع قدرته على القيام صح أذانه على الأصح ; لأن المراد الإعلام وقد حصل ، قال ابن ناجي : ويرد بأن ما ذكره إنما هو بعد الوقوع ، وكلام عياض إنما هو ابتداء فلعله يقول : يجزئ بعد الوقوع ، والله أعلم انتهى . وما ذكره عن عياض ذكره في الإكمال والمفهوم من كلام أهل المذهب أنه ليس بحرام ، قال في التوضيح : وكره أذان القاعد لكونه مخالفا لما عليه السلف انتهى . وعد ابن الفاكهاني في شرح الرسالة في صفات الكمال أن يكون قائما ، وقال في مختصر الواضحة : وكان مالك ينكر أن يؤذن المؤذن قاعدا ، ويقول : لن يبلغني عن أحد ممن يقتدى به فعله فإن عرضت له علة تمنعه من القيام فليدع الأذان ، ومن جهل فأذن قاعدا مضى ولم يعد الأذان انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) يوجد في بعض النسخ قائم إلا لعذر ، وهو إشارة إلى قوله في المدونة : " إلا من عذر يؤذن لنفسه إذا كان مريضا " .

                                                                                                                            ( فرع ) وأما أذان الراكب فجائز ، قاله في المدونة ; لأنه في معنى القائم ، قال ابن فرحون : بل هو أتم ارتفاعا وأكثر إسماعا لا كما ، قال ابن عبد السلام أنه كالقاعد انتهى .

                                                                                                                            وقد اعترضه ابن ناجي أيضا ، وقال : قال ابن عبد السلام : لا فرق في التحقيق بين القاعد والراكب .

                                                                                                                            ( قلت ) بل التحقيق الفرق بينهما أن الراكب أندى صوتا من القاعد ، وقال قبله اختصر ابن يونس المسألة بلفظ : " ويؤذن راكبا في السفر " قال : وهو وصف طردي ، ولذلك حذفه البراذعي يعني قوله : " في السفر " ، والله أعلم

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية