الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وقوله وإن عيدا أو جنازة يعني أنه إذا كان [ ص: 473 ] في صلاة العيد أو في صلاة الجنازة ورعف فيها فإن ظن دوام الرعاف إلى فراغ الإمام منهما فإنه يتمادى مع الإمام منهما لأن بفراغ الإمام يتنزل منزلة خروج الوقت المختار في الفريضة وهذا قول أشهب قال في كتاب الصلاة من النوادر ومن كتاب ابن المواز : ومن رعف في صلاة الجنازة فليمض فيغسل الدم ثم يرجع إلى موضع صلى عليها فيه فيتم باقي التكبير وكذلك في صلاة العيدين ولو أتم باقي صلاة العيدين في بيته أجزأه وقال أشهب إن خاف إن خرج يغسل الدم أن تفوته الجنازة وصلاة العيدين وكان لم يكبر على الجنازة شيئا ولا عقد ركعة من صلاة العيد فليمض على صلاة العيد والجنازة ولا ينصرف انتهى .

                                                                                                                            وحكى القولين ابن يونس وصاحب الطراز والقرافي وغيرهم هذا إذا خاف أن تفوته صلاة الجنازة والعيد إذا خرج لغسل الدم وإن كان يرجو أنه يغسل الدم ويدرك الصلاة فإنه يخرج ويغسل الدم فإن ظن إدراك الإمام أو إدراك الجنازة قبل أن يفرغ رجع وإن كان لا يدرك الإمام ولا الجنازة فليتم بموضعه كما سيأتي في كلام صاحب المقدمات وهذا حكم المأموم وأما الإمام فإنه يستخلف من يتم بهم ويصير حكمه حكم المأموم .

                                                                                                                            ( تنبيهان الأول ) ظاهر كلامه في النوادر أن قول أشهب مخالف لقول ابن المواز وكذلك ظاهر كلام ابن يونس وصاحب الطراز قاله ابن يونس ومن كتاب ابن المواز ومن رعف في صلاة الجنازة فليمض يغسل الدم عنه ثم يرجع إلى موضع صلى عليها فيتم بقية التكبير وكذلك صلاة العيدين ولو أتم صلاة العيدين في بيته أجزأه وقال أشهب إن خاف إن خرج فغسل أن تفوته الجنازة وصلاة العيدين فليمض كما هو على صلاته ولا ينصرف انتهى ، وقال في الطراز واختلف فيمن رعف في صلاة الجنازة والعيد فقال ابن المواز يمضي فيغسل الدم ثم ذكر بقية كلام ابن المواز قال وقال أشهب إن خاف فواتهما صلاهما ولم ينصرف وإن كان لم يكبر على الجنازة شيئا ولا عقد ركعة من العيد انتهى .

                                                                                                                            وقال الشارح في الكبير قد يقال إنما أمره أشهب بالتمادي لأنه لم يفعل شيئا يبني عليه فلو أمره أن يخرج لغسل الدم ثم يبني لكان في حكم إعادة الصلاة على الجنازة وهي لا تعاد وفي حكم من صلى صلاة العيدين وحده أن يفوتهما وصلاتهما على تلك الحال أولى من فواتهما هكذا نقل في المقدمات عن أشهب ونقل ابن يونس قوله ولم يذكر هل فعل شيئا يعتد به أم لا ولعل الشيخ اعتمد على نقله انتهى قلت كلام ابن يونس يقتضي ذلك كما قال الشارح وكلام الطراز قوي في الدلالة على ذلك لأنه أتى بذلك على سبيل المبالغة فكلامه يقتضي أنه يتمهما إذا فعل شيئا من باب أولى فتأمله وأما كلام ابن رشد في المقدمات فقريب من كلام الشارح ونصه إذا رعف الإمام في الجنازة أو العيد استخلف كالفريضة سواء وإن رعف المأموم فيهما فإنه ينصرف ويغسل الدم ثم يرجع فيتم مع الإمام ما بقي من تكبير الجنازة وصلاة العيد فإن علم أنه لا يدرك شيئا مع الإمام أتم حيث غسل الدم إلا أن يعلم أنه يدرك الجنازة قبل أن ترفع فإنه يرجع حتى يتم ما بقي من التكبير عليها وقال أشهب : فإن كان رعف قبل أن يعقد من صلاة العيد ركعة أو قبل أن يكبر من تكبير الجنازة شيئا وخشي إن انصرف لغسل الدم أن تفوته الصلاة لم ينصرف وصلى على الجنازة وتمادى على صلاته في العيد وكذا لو رأى في ثوبه نجاسة وخاف إن انصرف لغسلها أن تفوته هذا كله أعني ما ذكره في هذا الفصل هو معنى ما في كتاب ابن المواز الذي ينبغي أن يحمل عليه وإن كان ظاهر لفظه مخالفا لبعضه انتهى كلامه في المقدمات باختصار يسير وقال الأقفهسي في شرحه بعد أن ذكر كلام النوادر وحكى في المقدمات قول أشهب على أنه تقييد انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية