الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( مع زوال طعمه لا لون وريح عسرا )

                                                                                                                            ش : قوله مع متعلق بيطهر هذا هو المتعين ، وأجاز البساطي أن يتعلق بقوله : ولا يلزم عصره وهو بعيد والمعنى أن محل النجس يطهر بكذا مع زوال طعم النجس فإن بقي طعم النجس لم يطهر ; لأن بقاء الطعم دليل على بقاء النجاسة فلا بد من إزالة الطعم ، وإن عسر ، وقوله : " لا لون وريح " معطوفان على زوال على حذف مضاف تقديره ، لا زوال لون وريح عسر زوالهما أي يطهر محل النجس بكذا بشرط زوال طعم النجس لا بشرط زوال اللون والريح إذا عسر ، أو إن لم يعسر زوالهما لم يطهر المحل مع بقاء واحد منهما وبقاء اللون أشد من بقاء الريح قال في الجواهر لو بقي الطعم بعد زوال الجرم في رأي العين فالمحل نجس ; لأن بقاءه دليل على بقائه ، وكذلك لو بقي اللون ، أو الريح وقلعه متيسر بالماء فإن تعسر قلعه عفي عنه وكان المحل طاهرا ونقله في الذخيرة وزاد كما يعفى عن الرائحة في الاستنجاء إذا عسر زوالها من اليد أو المحل .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) إن قيل : كيف يتصور إدراك بقاء الطعم فإن ذوق النجاسة لا يجوز ؟ فالجواب أن ذلك بعد الوقوع أي لو ذاق فوجد الطعم لم يطهر ويمكن تصوير ذلك ابتداء فيما إذا كانت النجاسة في الفم أو دميت اللثة قاله ابن فرحون زاد البلقيني من الشافعية ، وكذا لو غلب على ظنه زوال الطعم فيجوز له ذوق المحل استظهارا وهو ظاهر والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني ) المعتبر في إزالة ذلك هو الإزالة بالماء كما يفهم من قول الجواهر المتقدم : " وقلعه تيسر بالماء " فيفهم منه أنه إذا أمكن زوال اللون والريح بغير الماء لم يجب وهو كذلك ونحوه في [ ص: 164 ] كلام ابن العربي وابن الحاجب . ولو أمكن زوال اللون والريح بأشنان ، أو صابون فالظاهر أنه لا يجب وللشافعية في ذلك خلاف ، وفي حديث خولة بنت يسار في الدم العسر الزوال قال صلى الله عليه وسلم { يكفيك الماء ، ولا يضرك أثره } رواه أحمد وأبو داود وقيس الريح على اللون بجامع المشقة .

                                                                                                                            ( الثالث ) لو بقي اللون والريح معا فظاهر كلام المصنف وغيره من أصحابنا أنه لا يضر ذلك وللشافعية في ذلك خلاف .

                                                                                                                            ( الرابع ) إذا عسر زوال اللون ، أو الريح فالمحل طاهر كما تقدم في كلام صاحب الجواهر وكما فهم من كلام المصنف وغيره ، وقال بعض الشافعية نجس معفو عنه .

                                                                                                                            ( الخامس ) قال ابن عبد السلام ينبغي على مذهب ابن الماجشون باغتفاره الرائحة في الماء أن يغتفرها في الإزالة أيضا ، وإن لم تعسر ، ورده ابن عرفة بأن دلالة الشيء على حدوث أمر أضعف منها على بقائه لقوته بالاستصحاب فإن الماء يدفع عن نفسه قالهاللخمي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية