الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الرابع

في شرط الحرب

فأما شرط الحرب : فهو بلوغ الدعوة باتفاق - أعني : أنه لا يجوز حرابتهم حتى يكونوا قد بلغتهم الدعوة - وذلك شيء مجمع عليه من المسلمين لقوله - تعالى - : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) .

وأما هل يجب تكرار الدعوة عند تكرار الحرب : فإنهم اختلفوا في ذلك ، فمنهم من أوجبها ، ومنهم من استحبها ، ومنهم من لم يوجبها ولا استحبها .

والسبب في اختلافهم : معارضة القول للفعل ، وذلك أنه ثبت عنه - عليه الصلاة والسلام - كان إذا بعث سرية قال لأميرها : " إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال ، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم . ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دراهم إلى دار المهاجرين ، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم " .

وثبت من فعله - عليه الصلاة والسلام - : " أنه كان يبيت للعدو ويغير عليهم مع الغدوات " .

فمن الناس - وهم الجمهور - من ذهب إلى أن فعله ناسخ لقوله ، وأن ذلك إنما كان في أول الإسلام قبل أن تنتشر الدعوة ، بدليل دعوتهم فيه إلى الهجرة ، ومن الناس من رجح القول على الفعل ، وذلك بأن حمل الفعل على الخصوص . ومن استحسن الدعاء فهو وجه من الجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية