الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( 8 ) التـبغ NICOTIANA TABACUm ليس كالتبغ من دليل على أهمية التقليد في ظهور عادة الإدمان عند الناس فهو منتشر اليوم في كل بقعة من بقاع الأرض؛ يعجب الأبيض والأسود والبدائي والمتحضر؛ والغني والفقير.. وما من طبقة من طبقات المخلوقات البشرية إلا واجتاحها هذا الداء العضال.

ويتساءل المرء عن السحر الذي فتن البشرية بهذه العشبة النتنة التي دخنها المتوحشون في أمريكا؛ كيف بها اليوم وقد خضعت لها رقاب الناس جميعا في إمبراطورية مترامية الأطراف وليس لها حدود تتجول في كل الدنيا بلا تأشيرة دخول ولا خروج.

تلعب لفافة التبغ في المجتمعات لعبة الشيطان؛ تهيئ الأجواء؛ ويعرضها المرء ولا يرفضها القرين؛ وتلعب النار دور المعرف بين الأصدقاء.

وبالعرض والقبول يبتعد المرء عن العزلة ويتقاسم مع جليسة أفراحه وأتراحه؛ فلا مكان للخجل.. بل أصبحت اللفافة تعبيرا عن الرجولة المبكرة وانخراط الصغار في مجتمعات الكبار بل إنها لدى النساء علامة من أكبر العلامات على مساواتهم بالرجال!!

بقي السؤال عن سحر هذه العشبة بلا جواب.. وسيبقى بلا جواب إلى ما شاء الله. [ ص: 111 ]



يقول التاريخ بأن نبات التبغ من أصل أمريكي جلبها إلى إسبانيا في عام (1518م) أحد المبشرين الإسبان. وتعرف عليها سفير فرنسا في البرتغال جان نيكوت Jean Nicot عام (1560م) وزرعها في حديقة منزله. ثم استعمل أوراقها في مداواة دواء الشقيقةMigraine الذي كان يشكو منه. وفيما بعد اقترح هذا النبات على كاترين دو ميديسس Catherin deMedicis التي كانت تشكو الداء نفسه ووجدت فيه علاجا مناسبا. وكان في ذلك الحين يستعمل بشكل منقوع يؤخذ عن طريق الفم [ ص: 112 ] أو بشكل حقن شرجية.. وأدى هذا الاستعمال العجيب إلى كثير من الوفيات لم يستطع أحد أن يفسرها في ذلك الحين.

وفي مستهل القرن السابع عشر ظهر الغليون لأول مرة في أوربا ثم بدأ استعمال التبغ في التدخين، وانهالت الثروات الطائلة على المتاجرين به مما حدا بنابليون في عام (1811) أن يؤسس إدارة خاصة لحصر التبغ والاتجار به.

يعتبر التبغ العقار الذي يدمن عليه المجتمع الصناعي بالدرجة الأولى. ولا أحد يشك في ذلك.. ويبلغ الإنتاج السنوي من أوراق التبغ ما يزيد عن (4) مليون طن وقد تضاعف هذا الإنتاج خلال القرن الحالي، ولا يزال الإنتاج آخذا بالازدياد. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية في طليعة البلاد المنتجة للتبغ ويليها في ذلك الصين فالهند فالاتحاد السوفييتي فاليابان.. الخ. وإن أربعة أخماس الإنتاج يستهلك عادة في البلاد المنتجة والخمس الأخير أي ما يعادل (100,000) طن يشكل تجارة من أربح التجارات في العالم.

وتدل الإحصاءات المعاصرة أنه يصنع حوالي (2500-3000) مليار (لفافة) سيجارة سنويا في العالم أي ما يعادل (600-800) سيجارة لكل فرد من سكان الأرض. وإلى هذا العدد المخيف يجب أن نضيف (25) مليارا من السيجار الغليظ و (400,000) طن من التبغ المهيأ للتدخين بأشكال مختلفة.

وإذا كانت أمريكا في طليعة المنتجين فهي أيضا في طليعة المستهلكين [ ص: 113 ] ويصيب الفرد الأمريكي الذي تجاوز عمره (15) عاما (3900) سيجارة وسطيا في العام الواحد أي ما يزيد عن (200باكيت) سنويا.

ويأتي من بعد المواطن الكندي (3100) فالسويدي (2800) أما الإنكليزي والإسترالي والفرنسي فيأتون في درجة متأخرة بالنسبة إليهم (1400سيجارة) سنويا أي ما يعادل (70 باكيت) سنويا. ويأتي الأسباني والبرتغالي في الدرجة الأخيرة بالنسبة لباقي الأوربيين.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار المشتقات الأخرى للتبغ فتنقلب الآية ويأتي السويدي في المقدمة حيث يستهلك (4,5) كغ. والاستهلاك الألماني أو الفرنسي أكثر من (3,2) كغ من التبغ وسطيا.

مما لا شك فيه أن التبغ كان المفتاح الأول للباب الذي يطل على باقي المخدرات.. فجميع الذين يدخنون الحشيش والماريوانا اليوم يستعملون لفافات التبغ. وبحثا وراء اللذة والنشوة المختلفة دخل المدمن في سلسلة من التجارب أوصلته إلى باقي المخدرات.

(أ) سـميـة التبـغ 1 - المركبـات السـامة التبغ نبات من الفصيلة الباذنجانية وله أنواع مختلفة باختلاف مواطن زراعته.

تقطف أوراق التبغ وتجفف وتخمر؛ ثم تلف وتسحق، وتقطع بأشكال تبعا للقصد من الاستعمال في صناعة السجائر أو دخان الغليون أو [ ص: 114 ] ما شابه. وقد تفننت الصناعة في منح التبغ روائح عطرية مختلفة بمزجه مع بعض المواد الخاصة وقد يخلط في بعض البلدان بالحشيش أو الأفيون.

يحتوي التبغ على مادة فعالة هي النيكوتين Nicotin تمكن من عزلها فوكلان Vauquelin عام (1809) . ويختلف مقدار النيكوتين في التبغ باختلاف الأنواع، فالفرنسي مثلا يحوي من (1-10%) ؛ والجزائري من (3-1,4%) ؛ وتبغ الشرق فقير بالنيكوتين عادة وقد يصل بصعوبة إلى (0,5 %) . ويلعب تخمر التبغ دورا هاما في إنقاص مقدار النيكوتين.

النيكوتين مادة سامة خطرة مشابهة في فعلها حمض السيانيدريك. والمقدار المميت للإنسان يتراوح ما بين (2-16) سنتغ.

كان يعتقد إلى حد بعيد أن الضرر الذي ينجم عن النيكوتين أقل بكثير من الضرر الناشئ عن المركبات الأخرى المتولدة عن الاحتراق كالبيريدين وحمض السيانيدريك والنيكوتئين Nicoteine والفورمول وأكسيد الكربون. إلا أن الدراسات أثبتت فيما بعد أن الأثر الضار الأول ناجم بالدرجة الأساسية عن النيكوتين واستطاع العالم بيرنو Bernot أن يحدد مقدار النيكوتين الذي يدخل البدن من جراء تدخين سيجارة واحدة ووجد أنه يعادل (5،1-2) ملغ وسطيا.

وتأكد أيضا الأثر الضار للورق الذي يلف به التبغ على مختلف أشكاله.

2 - أشكال الانسمامات بالتبغ

المدخن الذي يدخن (السيجارة) أو (السيجار) فيصل دخانها مباشرة [ ص: 115 ] إلى فمه وأجهزته التنفسية هو أكثر من يتعرض لضرر المواد السامة. وخاصة إذا كان يبلع الدخان. والغليون يأتي بالدرجة الثانية في الضرر.. أما الأركيلة (أو الشيشة) فتأتي في الدرجة الأخيرة من الضرر نظرا لحجز الماء كمية كبيرة من المواد الفعالة.

ويبدو أن الذين يمضغون التبغ هم أقل تأثرا من الآخرين نظرا لأن كمية التبغ المتناولة هي أقل من جهة، وأن اللعاب يطرح قسما كبيرا من المواد السامة بالبصاق خارج الفم؛ بالإضافة إلى أن أغشية الفم تلعب دورا واقيا كالكبد في البدن، في حين أن الأغشية المخاطية في جهاز التنفس تساعد على امتصاص المواد السامة بشكل فعال جدا.

(ب) التظاهرات المرضية للانسمام بالتبغ

تذكر الإحصاءات الطبية عددا من الوفيات الناجمة عن تناول النيكوتين خطأ أو بقصد الانتحار أو بقصد جنائي.

ومن الثابت أن المدخن في بداية عهده مع التبغ يصاب بالغثيان والإقياءات ودوار الرأس وأوجاع الرأس خلال عدة ساعات.

وفيما يتعلق بالانسمامات المزمنة، فمن الصعب تحديد عتبة الانسمام وبالتالي اعتبارا من أي درجة يصبح التدخين ضارا. والواقع أن هذا الأمر يختلف من شخص لآخر، والشروط التي يتم التدخين فيها، كالتدخين في الهواء الطلق، أو في جو مغلق؛ وما إذا كان يبلع الدخان أم ينفثه من الفم مباشرة. [ ص: 116 ]

ومع ذلك يمكن أن نشير إلى الإصابات التي تتعرض لها بعض الأجهزة من جراء التدخين بصورة عامة.

ففي جهاز الهضم يلاحظ التهاب البلعوم المزمن؛ وتشكل لويحات بيضاء في مخاطيات الفم، وعسر في الهضم، واضطرابات في الأمعاء.

ويعتبر جهاز الدوران أكثر الأجهزة تأثرا من التدخين: خفقان القلب.. تشنجات وعائية - ارتفاع الضغط الشرياني - ذبحة الصدر - الجلطة القلبية - تصلب الشرايين. ودلت التجارب العلمية أيضا على مدى تأثير التبغ النوعي على انتظام الضغط والدوران الدموي المحيطي.

ومن الناحية التنفسية؛ تزداد التخرشات المنبهة للسعال؛ وأكثر ما يلاحظ لدى المدخنين القدامى الالتهابات النزلية وزكام الأنف؛ واختناق الصدر. ومن الخطأ الاعتقاد بأن الدخان يتمتع بصفات مطهرة قاتلة للجراثيم في الطرق التنفسية؛ بل هو على العكس يزيد من حدة الآفات الرئوية المزمنة.

وفي الجملة العصبية يؤثر التبغ إما نتيجة لآثاره في جهاز الدوران فيسبب الدوار والاحتقان والذبول الدماغي، وإما بفعله المباشر والاصطفائي على الخلايا العصبية؛ ومن النتائج الملاحظة نقص النظر (تشكل خثرات دموية في أوعية العين الدموية) التهاب العصب البصري.

هذا وإن الإدمان على التبغ يسبب عددا من الاضطرابات النفسية المحدودة. ومن الملاحظ أن كثيرا من المثقفين والكتاب والعلماء والفنانين يعتقدون أنه لا يمكنهم متابعة جهودهم إلا بعد الاستعانة [ ص: 117 ] بالسيجارة أو الغليون. وليس في هذا أي تأثير منبه مباشر على الجملة العصبية، وإنما الأمر يتعلق ببعض المنعكسات الشرطية، التي تكونت من الاعتياد على التدخين، والشعور بالحاجة إليه. وقد أكدت التجارب أيضا أثر التدخين الضار في الانتباه والذاكرة والتوجه.

ودلت التجارب المدرسية أن أفضل الدرجات التي يحصل عليها الطلاب في الامتحانات النهائية يختص بها غير المدخنين أو الذين يدخنون قليلا جدا؛ ولا عبرة بالاستثناء.

وتبين لكثير من الباحثين، أن الفتيان الذين يدمنون على التدخين في سن مبكرة، يتأخرون في نموهم بصورة واضحة. وتأكدت هذه التجارب على الحيوان والإنسان على حد سواء. وقد أشار أحد العلماء، أن نسبة وفيات الأطفال لدى عمال مصانع التبغ، تزيد بمقدار الضعف عن الحد المتوسط.

ومن جهة أخرى فمن المعلوم أن دخان التبغ يحتوي في حالته الغازية على مقدار مرتفع من أول أوكسيد الكربون Co يتراوح ما بين (3-4%) من دخان السيجارة و (6%) من دخان السيجار و (2%) من دخان الغليون.

ويصل مقدار أكسيد الكربون في دم المدخنين إلى حوالي (13%) ؛ وهذا النوع من الناس يعيش وكأنه يسكن على ارتفاع (2000) م بشكل مستمر مما يزيد في خطر تعرضه لنقص التروية الدموية وخاصة في الأمراض القلبية التاجية.

وإن ارتفاع مقدار أكسيد الكربون في الدم بشكل مستمر يعرض [ ص: 118 ] المدخن إلى حوادث الذبحات القلبية (الجلطة الدموية) وخاصة لدى كبار المدخنين الذين لا يتجاوز عمرهم (50) عاما. وفي الواقع يساعد أكسيد الكربون على تثبيت الكولسترول في الشرايين التاجية. وكذلك التهاب الأوعية الدموية في فخذ أو ساق المدخنين الشباب يعتبر علامة مميزة لإدمانهم على التبغ.

وقد تبين كذلك أن الإدمان على التدخين يضعف من القدرة الجنسية عند الرجال، أما في النساء وإن كان ضعيف التأثير إلا أنه يعتبر من الأسباب الهامة في اضطرابات الطمث، ويزيد من نسبة الإجهاض؛ ويسبب عسر الولادة. ومن المؤكد أن الجنين يتأثر بشكل محسوس من ضرر النيكوتين، نظرا لقدرته على النفاذ من مشيمة الأم إلى الجنين؛ حيث يتراكم فيه ويصبح عياره لديه أعلى من عياره لدى أمه بشكل واضح؛ وهذا مما يؤخر نموه الذي يتظاهر بشكل جلي في نقص وزن الوليد، كما يزيد في نسبة وفيات ما قبل الولادة.

ومنذ عدة سنوات والدراسات المعاصرة توجه الأنظار إلى ارتفاع نسبة الوفيات من سرطانات الرئة الناجمة عن التدخين. وقد أشار العالم بويسون Bouisson لدى دراسته لـ (68) حالة من سرطانات الفم أن (66) واحدا منهم مدمن على التدخين. وأشار عدد من الجراحين إلى أن أغلب السرطانات الرئوية التي شاهدوها في عملياتهم الجراحية كانت لدى المدخنين وأن السرطان الرئوي يتطور عادة أكثر بكثير من تطور السرطانات الأخرى. ومنذ عام 1950م و 1957 تضاعفت في فرنسا الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة وازدادت بنسبة (130%) لدى الرجال [ ص: 119 ] ما بين عام 1950 - 1960م. وذكر أحد التقارير الأمريكية تحت عنوان التدخين والصحة SmoKing and Health في عام 1964م نتائج الدراسة التي أجريت في (30) حملة إحصائية وفي عدة مدن كبرى: بأنه مما لا شك فيه أن الدخان مسئول أساسي عن الإصابة بالسرطانات الرئوية وأن خطر التعرض للإصابة لدى المدخن أعلى بـ (65) مرة منه لدى غير المدخن. وذكر الدكتور تورنير Turner في عام 1970م أنه توفي في قسمه الخاص بمستشفى ماساتشوستس ( 118 ) شخصا من سرطان الرئة بعمر متوسط يساوي (62) عاما وبعد أن دخن كل منهم وسطيا (389000) سيجارة خلال حياته السابقة.

ويذكر أحد التقارير أن عدد الوفيات الناجمة عن سرطانات الرئة في العالم لا تقل عن (200.000) سنويا.

ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن الإدمان على التبغ مختلف عن غيره من المخدرات.. فالتوقف عن التدخين لا يسبب الأعراض الملاحظة عند الحرمان من بقية المخدرات كالهيروئين وأمثاله. وليس الإدمان هنا إلا نوعا من الاعتياد النفسي الذي ينتهي بالمعالجة الحكيمة والإدارة الصارمة.

وللتوقف عن التدخين استعملت أساليب شتى كاللجوء إلى بعض الأدوية وممارسة الرياضة والصحة الغذائية، وتجدر الإشارة إلى أن حقن (2) ملغ من النيكوتين تحت الجلد يزيل أي رغبة بالحاجة إلى التدخين. كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن جميع هذه الأساليب لم تجد بأكثر من (20%) وإن الامتناع يحتاج بالدرجة الأولى إلى الإرادة الصارمة والتوقف المباشر عن التدخين. [ ص: 120 ]

(ج) إحصـاءات حـديثـة نشرت المجلة الطبية البريطانية الحديثة نتائج الدراسة لقسم الصحة العامة في جامعة كاليفورنيا في نهاية عام 1985؛ يلخصها فيما يلي:

1 - يعتبر تدخين التبغ المسئول الأول عن الوفيات المبكرة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تقدر الوفيات السنوية المرتبطة بتدخين التبغ حوالي (350000) أي أكثر من ضحايا الأمريكان في الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب كوريا مجتمعة.

2- يصل عدد الوفيات بالأمراض التاجية إلى (365000) سنويا يعود (30%) منها على الأقل (أي (170000) إلى التدخين.

3 - تبلغ وفيات السرطان السنوية حوالي (412000) ؛ منها (12500) بسبب التدخين؛ وأكثر من (80%) منها ناتج عن سرطان الرئتين. وتبين أن مالا يقل عن (62000) من أصحاب هذه الوفيات سنويا مصابون بانسداد الرئة المزمن أو التهاب القصبات المزمن وضيق التنفس.

4- وتدل الدراسات والإحصاءات أن تدخين سيجارة واحدة يقصر العمر المتوسط للفرد بما لا يقل عن (5-6) دقائق؛ استنادا إلى دراسة الأعمار المتوسطة للشعوب. أن المدخن الذي يبلغ عمره (25) عاما والذي يستهلك (20) سيجارة في اليوم يتوقع أن ينقص عمره وسطيا بمقدار (4.6) سنة؛ أما الذي يستهلك (40) سيجارة فينقص عمره بمقدار (8.3) سنة. [ ص: 121 ]

5- يقدر أن تكاليف الوقاية الصحية المرتبطة مباشرة بالتدخين تزيد سنويا بما لا يقل عن (16) مليار دولار.

6- يعود خطر التعرض لتصلب الشرايين إلى التدخين بالدرجة الأولى إذ تصل نسبة المدخنين من مرضى التهاب الأبهر اللفائفي إلى (98%) والآفاق المأبضية الفخذية إلى (91%) .

7- جرت الدراسة المقارنة العلمية بين المدخنين وغيرهم وعلاقتهم بالوفاة بالسكتة ولوحظ أن النسبة مرتفعة عند المدخن بمقدار (1.2- 1.5) بالنسبة لغير المدخنين.

وبينت الدراسة أن النساء المدخنات اللواتي يتناولن مضادات الحمل، أكثر تعرضا للوفاة بالسكتة من غير المدخنات؛ وأن النسبة قد تصل إلى (21.9 %) .

8- في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصناعية يبدو تغلب نسبة الوفيات بسرطان الرئة على غيره من أنواع السرطان. ولقد ارتفعت الوفيات بسرطان الرئة في أمريكا من (18300) وفاة عام 1950 إلى (61800) وفاة في عام 1969 و إلى (98400) وفاة عام 1979. وتقدر وفيات السرطان الرئوي بحوالي (25%) من وفيات بقية السرطانات؛ وتوافق 5% من مجموعات الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية.

وتبين كذلك أن (80-85%) من هذه الوفيات له علاقة بالتدخين. ويبدو أن هذه النسبة أكثر ارتفاعا لدى النساء المدخنات منها في الرجال المدخنين. [ ص: 122 ]

9- وفيما يتعلق بسرطانات الحنجرة وجد في أمريكا (11000) حالة جديدة عام 1984 توفي منها (3750) حالة. ودلت الدراسة الإحصائية إلى وجود العلاقة الشديدة بين سرطان الحنجرة والتدخين؛ ولا يقل عن (84%) من هذه السرطانات لدى الرجال وجدت عند المدخنين فقط.

10 - أكدت الدراسات الإحصائية والعلمية العلاقة الوثيقة ما بين التدخين وسرطانات الفم؛ وتبين أن نسبة الوفيات بهذا السرطان لدى المدخنين أكبر بـ (13) مرة منها لدى غير المدخنين.

11 - وفيما يتعلق بسرطانات المري وجد أن علاقتها بالتدخين شديدة جدا وأن الوفيات فيها هي أكبر بـ (11.5) مرة منها لدى غير المدخنين.

12- أظهرت الدراسة على سرطانات المثانة أن نسبتها تتراوح لدى المدخنين ما بين (40-60%) عند الرجال وما بين (25-35%) لدى النساء.

13- ارتفعت أعداد الوفيات بسرطان المعثكلة (البنكرياس) من (900) حالة عام 1950 إلى (23000) حالة عام 1984. ويقدر أن عدد الحالات الجديدة في نهاية العام نفسه تصل إلى (25100) حالة. وأكدت هذه الدراسة أيضا العلاقة الوثيقة بين سرطان المعثكلة وبين التدخين.

14- وعند دراسة السرطانات الأخرى تبين أيضا علاقة سرطانات المعدة مع التدخين؛ وكذلك الأمر بالنسبة لسرطانات الكلية التي [ ص: 123 ] ترتفع نسبتها لدى المدخنين أكثر من (5) مرات منها لدى غير المدخنين. وتعرض التقرير كذلك إلى علاقة السرطانات الدماغية والتدخين ولم يفرق التقرير بين تناول التبغ بالتدخين أو بالمضغ أو سعوطا عن طريق الأنف حيث كانت النتيجة واحدة في الحالات كلها.

15- تبين من الدراسة التي جرت في (7) أقطار غربية أن هناك علاقة عكسية بين التدخين والوزن. حيث ظهر أن الوزن المتوسط لدى المدخنين أقل منه لدى غير المدخنين. وتأكد ذلك من دراسة إحصائية قدمتها النرويج وتبين فيها أن الوزن المتوسط المرتبط بالعمر لدى المدخنين هو أقل بـ 2.5- 5.4 كغ منه لدى غير المدخنين.

16- جرت الدراسة على مدى تأثر تعرض الجنين إلى بعض الآفات لدى الأمهات المدخنات؛ وتبين بصورة دقيقة أن أطفال الأمهات المدخنات أثناء فترة الحمل يولدون بوزن أقل بحوالي (200) غرام عن الوليدين من غير المدخنات. وتبين أيضا أن الولادات الضعيفة لدى المدخنات هي أكبر بمرتين منها لدى غير المدخنات (وزن الأطفال أقل من 2500 غرام بصورة عامة) . وأظهرت التحاليل الطبية ارتفاع نسبة الكربوكسي هيموغلوبين لدى الأجنة والأمهات المدخنات ونقص القدرة على ارتباط الكريات الحمراء بالأوكسيجين مما يزيد في نسبة تعرض الجنين للاختناق بنقص الأوكسيجين. [ ص: 124 ]



[ ص: 125 ]

[ ص: 126 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية