الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قال مالك : لا يقطع أحد من شجر الحرم شيئا ، فإن قطع فليس عليه كفارة إلا الاستغفار .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : كل شيء أنبته الناس في الحرم من الشجر مثل النخل والرمان وما أشبههما ، فلا بأس بقطع ذلك كله ، وكذلك البقل ، كله مثل الكراث والخس والسلق وما أشبه ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : ولا بأس بالسنا والإذخر أن يقلع في الحرم .

                                                                                                                                                                                      قال مالك : ولا بأس بالرعي في حرم مكة وحرم المدينة في الحشيش ، والشجر .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : أكره للحلال والحرام أن يحتشا في الحرم مخافة أن يقتلا الدواب ، والحرام في الحل مثل ذلك فإن سلما من قتل الدواب إذا احتشا فلا شيء عليهما ، وأنا أكره ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : مر النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه ورجل يرعى غنما له في حرم المدينة وهو يخبط شجرة ، فبعث إليه فارسين ينهيانه عن الخبط .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال النبي عليه السلام : { هشوا وارعوا } . قال : فقلنا لمالك : ما الهش ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يضع المحجن في الغصن فيحركه حتى يسقط ورقه ولا يخبط ولا يعضد ، ومعنى العضد الكسر ، قلت : فهل يقطع الشجر اليابس في الحرم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يقطع في الحرم من الشجر شيء يبس أو لم ييبس ، قلت : هو قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هو قوله .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : بلغني أن عمر بن الخطاب لما ولي وحج ودخل مكة ، أخر المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم وقد كان ملصقا بالبيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وقبل ذلك ، وكانوا قدموه في الجاهلية مخافة أن يذهب به السيل ، فلما ولي عمر أخرج أخيوطة كانت في خزانة الكعبة قد كانوا قاسوا بها ما بين موضعه وبين البيت إذ قدموه مخافة السيل ، فقاسه عمر فأخره إلى موضعه اليوم فهذا موضعه الذي كان في الجاهلية وعلى عهد إبراهيم . قال : وسار عمر في أعلام الحرم واتبع رعاة قدماء كانوا مشيخة بمكة كانوا يرعون في الجاهلية حتى تتبع أنصاب الحرم فحدده ، فهو الذي حدد أنصاب الحرم ونصبه . قال : وقال مالك : وبلغني أن الله تبارك وتعالى لما أن أراد أن يري إبراهيم موضع المناسك ، أوحى إلى الجبال أن تنحني له فنيخت له حتى أراه مواضع المناسك ، فهو قول إبراهيم في كتاب [ ص: 457 ] الله تبارك وتعالى : { وأرنا مناسكنا } .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية