الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 506 ] في الرجل يدخل بلاد الحرب فيشتري عبيد أهل الإسلام قلت : أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أحرزهم أهل الحرب فدخل رجل من المسلمين بلادهم بأمان ، فاشترى أولئك العبيد منهم أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الذي اشتراهم بغير ثمن أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا يأخذوهم إلا بالثمن الذي ابتاعهم به ، قلت : وكذلك العبيد لو كانوا هم الذين أبقوا إلى بلاد الحرب فاشتراهم هذا الرجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك في العبيد إذا وقعوا في الغنم واقتسموا أن الآبق وغير الآبق سواء ليس لساداتهم أن يأخذوهم إلا بالثمن . قلت : أرأيت لو أن أهل الحرب أحرزوا عبيدا للمسلمين ثم دخل رجل أرض الحرب بأمان فوهبهم أهل الحرب لهذا الرجل أو باعوهم منه ثم خرج بهم إلى بلاد المسلمين ، أيكون لساداتهم أن يأخذوهم من هذا الرجل بغير شيء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كانوا وهبوهم له ولم يكافئ عليهم فذلك لهم ، وأما ما ابتاعه فليس لهم أن يأخذوهم إلا أن يدفعوا إليه الثمن الذي ابتاع به المشتري ، وكذلك إن كافأ عليهم لم يكن لساداتهم أن يأخذوهم إلا بعد غرم المكافأة التي كافأ بها . وهو قول مالك . قلت : أرأيت إن كان قد باعه هذا الذي اشتراه من أرض الحرب من رجل آخر أو باعه هذا الذي وهب له ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، وأرى أن ينفذ البيع ويرجع صاحبه بالثمن على الذي وهب له فيأخذ منه ما أخذ منه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقال غيره : ينقض البيع ويرد إلى صاحبه بعد أن يدفع إليه الثمن ، ويرجع به على الموهوب له فيأخذ منه ما أخذ ، قال ابن القاسم : وأما الذي ابتاعه فأرى له الثمن الذي بيع به لصاحب العبد المستحق له بعد أن يدفع الثمن الذي ابتاعه به المشتري إن أحب . قلت : أرأيت إن اشتريت رجلا من المسلمين حرا ، اشتريته من المشركين أسيرا في أيديهم بغير أمره ، أيكون لي أن أرجع عليه بالثمن الذي اشتريته به في قول مالك ، قال : نعم على ما أحب أو كره .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية