الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن : اسمه عبد الله بن زائدة ، وقيل : عمرو بن قيس ، وقيل غير ذلك ، وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله.

[ ص: 1363 ]

التالي السابق


[ ص: 1363 ] 246 - قوله: (ابن أم مكتوم الأعمى المؤذن : اسمه عبد الله بن زائدة ، وقيل : عمرو بن قيس ، وقيل غير ذلك) انتهى.

وما رجحه المصنف من أن اسمه عبد الله بن زائدة مخالف لقول جمهور أهل الحديث؛ فإن أكثر أهل الحديث على أن اسمه عمرو، حكاه عنهم ابن عبد البر في (الاستيعاب) في موضعين، في باب عبد الله، وفي باب عمرو، وكذا قال المزي في (التهذيب): "إن كون اسمه عمرا أكثر وأشهر" انتهى. وهو قول الزهري، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق فيما رواه ابن هشام، عن زياد البكائي عنه، والزبير بن بكار، وأحمد بن حنبل سماه في (المسند) كذلك في [ ص: 1364 ] الترجمة، وهو مسمى أيضا في نفس الحديث عنده من رواية أبي رزين، عن عمرو بن أم مكتوم، قال: "جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! كنت ضريرا، شاسع الدار، ولي (كذا) قائد) الحديث.

وكذلك رواه الطبراني في (المعجم الكبير) من رواية زر بن حبيش، عن عمرو بن أم مكتوم، والحديث عند أبي داود وابن ماجه من الطريق الأول، ولكن لم يسم فيه عندهما.

[ ص: 1365 ] والجمهور أيضا أنه عمرو بن قيس، كما قال الزهري، وموسى بن عقبة، والزبير بن بكار، ورجحه ابن عساكر في الأطراف، وكذلك المزي أيضا في الأطراف، فقال: "واسمه عمرو بن قيس بن زائدة" قال: "ويقال: عمرو بن زائدة، ويقال: عبد الله بن زائدة" وكذا قال في أواخر (التهذيب) في فصل من يعرف بابن كذا، فقال: "اسمه عمرو بن قيس، ويقال: عبد الله" وقال قبل ذلك في باب عمرو: "عمرو بن قيس بن زائدة، ويقال: عمرو بن زائدة، تقدم" وقال: "قيل: ذلك عمرو بن زائدة، ويقال: عمرو بن قيس بن زائدة" إلى آخر كلامه.

وما ذكره المصنف من أنه عبد الله بن زائدة هو قول قتادة، قال ابن أبي حاتم: "يشبه أن يكون قتادة نسبه إلى جده" وقال ابن عبد البر: "أظنه نسبه إلى جده" وقال ابن حبان: "من قال: عبد الله بن [ ص: 1366 ] زائدة فقد نسبه إلى جده زائدة" انتهى.

وقد رجح البخاري في (التاريخ) ما رجحه المصنف، فقال: "هو عبد الله بن زائدة" قال: "ويقال: عمرو بن قيس بن شريح بن مالك" قال: "وقال ابن إسحاق: عبد الله بن شريح بن قيس بن زائدة" انتهى.

وما حكاه البخاري عن ابن إسحاق من أنه عبد الله بن شريح هو الذي اختاره ابن أبي حاتم، وحكاه عن علي بن المديني، وعن الحسين بن واقد، وقال: إنه رواه سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، وهو مخالف لما رويناه عن ابن إسحاق في السيرة، كما تقدم.

وقال محمد بن سعد: "أما أهل المدينة فيقولون: اسمه عبد الله، وأهل العراق يقولون: اسمه عمرو" قال: "وأجمعوا على نسبه، فقالوا: هو ابن قيس بن زائدة بن الأصم" قال ابن أبي حاتم: "كيف أجمعوا وقد حكينا عن ثلاثة نفر: محمد بن إسحاق، وعلي بن المديني، [ ص: 1367 ] والحسين بن واقد؟!!" يريد قولهم: إنه عبد الله بن شريح.

وقال ابن حبان: "هو عبد الله بن عمرو بن شريح بن قيس بن زائدة" فذكر نسبه ثم قال: "وكان اسمه الحصين، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله" انتهى.

وقد ورد أيضا في بعض أحاديثه تسميته بعبد الله، كما رواه الطبراني في (المعجم الكبير) من حديث جابر "طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجته بالبيت على ناقته الجدعاء، وعبد الله ابن أم مكتوم آخذ بخطامها، [ ص: 1368 ] يرتجز".

فإن قلت: فإذا كان قد ورد مسمى بعبد الله هكذا، واتفق علي بن المديني، والبخاري، والحسين بن واقد، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن إسحاق في رواية سلمة بن الفضل عنه على تسميته بعبد الله - اقتضى ذلك ترجيح ما رجحه المصنف.

قلنا: حديث جابر هذا لا يصح؛ فإن في إسناده عمر بن قيس، وهو الملقب سندل أو سندول، وهو أحد المتروكين، والأكثرون قالوا: "إنه عمرو" والله أعلم.




الخدمات العلمية