الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالثة : أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل ، وذلك من الظاهر الذي لا يخفى على حديثي، وهو أول صاحب حديث.

بلغنا عن أبي بكر بن أبي داود السجستاني قال: "رأيت أبا هريرة في النوم، وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة فقلت : إني لأحبك، فقال : أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا ".

وعن أحمد بن حنبل أيضا - رضي الله عنه - قال: "ستة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثروا الرواية عنه وعمروا: أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس، وأبو هريرة أكثرهم حديثا، وحمل عنه الثقات ".

ثم إن أكثر الصحابة فتيا تروى ابن عباس، بلغنا عن أحمد بن حنبل قال: "ليس أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس".

وروينا عن أحمد بن حنبل أيضا أنه قيل له : "من العبادلة؟" فقال : "عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمرو ". قيل له : "فابن مسعود؟" قال: "لا، ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة " قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقرأته بخطه : "وهذا لأن ابن مسعود تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم ، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة ، أو هذا فعلهم ".

قلت : ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة، وهم نحو مائتين وعشرين نفسا. والله أعلم .

وروينا عن علي بن عبد الله المديني قال: "لم يكن من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد له أصحاب يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة : عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم، كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس ".

[ ص: 897 ] [ ص: 898 ]

التالي السابق


[ ص: 897 ] [ ص: 898 ] 144 - قوله: (ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة، وهم نحو مائتين وعشرين نفسا. والله أعلم) انتهى.

وما ذكره من كون المسمين بعبد الله من الصحابة نحو مائتين وعشرون ليس بجيد، بل هم أكثر من ذلك بكثير، وكأن المصنف أخذ ما ذكره من (الاستيعاب) لابن عبد البر؛ فإنه عد ممن اسمه عبد الله مائتين وثلاثين، ومنهم من لم يصحح له صحبة، ومنهم من ذكره للمعاصرة من غير رؤية على [ ص: 899 ] قاعدته، ومنهم من كرره للاختلاف في اسم أبيه، ومنهم من اختلف في اسمه أيضا هل يسمى بعبد الله أو غيره، ومجموعهم أكثر من عشرة، فبقي منهم نحو مائتين وعشرين نفسا كما ذكر.

ولكن قد فات ابن عبد البر منهم جماعة، ذكرهم غيره ممن صنف في الصحابة، وذكر الحافظ أبو بكر بن فتحون في ذيله على (الاستيعاب) مائة وأربعة وستين نفسا زيادة على من ذكرهم ابن عبد البر، وفيهم أيضا من عاصر ولم ير، أو لم تصح له صحبة، أو كرر للاختلاف في اسم أبيه - كما تقدم - ولكن يجتمع من المجموع نحو ثلاثمائة رجل. والله أعلم.




الخدمات العلمية