الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          502 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : والله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع . ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي، ثم قال : أبا هر . قلت : لبيك يا رسول الله، قال : الحق ومضى، فاتبعته فدخل فاستأذن، فأذن لي، فدخل، فوجد لبنا في قدح فقال : من أين هذا اللبن ؟ قالوا : أهداه لك فلان - أو فلانة - قال : أبا هر قلت : لبيك يا رسول الله، [ ص: 145 ] قال : الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي (قال) : وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها . فساءني ذلك، فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة ! كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، فإذا جاءوا وأمرني فكنت أنا أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ! ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت . قال : يا أبا هر قلت : لبيك يا رسول الله قال : خذ فأعطهم . ( قال ) : فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وروي القوم كلهم، فأخذ القدح فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم فقال : أبا هر قلت : لبيك يا رسول الله، قال : بقيت أنا وأنت قلت : صدقت يا رسول الله، قال : اقعد فاشرب فقعدت فشربت . فقال : اشرب فشربت، فما زال يقول : اشرب : حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا قال : فأرني فأعطيته القدح، فحمد الله، وسمى وشرب الفضلة . رواه البخاري .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية