الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

البحر الزخار المعروف بمسند البزار 10 - 18

البزار - أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق العتكي البزار

صفحة جزء
[ ص: 379 ] مسند سمرة بن جندب رضي الله عنه

[ ص: 380 ] [ ص: 381 ] سمرة بن جندب - رضي الله عنه

4513 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن أيوب بن حبيب بن يحيى الرقي الصموت ، قال : نا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ، قال : نا محمد بن المثنى ، قال : نا محمد بن أبي عدي ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن سمرة بن جندب . ووجدت في كتابي : نا عبد الله بن المصباح ، قال : نا المعتمر بن سليمان ، عن عوف ، عن أبي رجاء ، عن سمرة ، واللفظ لفظ ابن أبي عدي ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يقول لأصحابه : هل رأى أحد منكم من رؤيا ؟ ، فيقص عليه من شاء الله من يقص . قال : وإنه قال لنا ذات غداة : " إنه أتاني آتيان وإنهما ابتعثاني ، وإنهما قالا لي : انطلق وإني انطلقت معهما " وقال المعتمر في حديثه : " أتاني الليلة آتيان ، فقالا لي : انطلق وإني انطلقت معهما ، فأتيا على رجل مضطجع ، وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه ، فيثلغ بها رأسه فيذهب الحجر هكذا فيتبع الحجر ، فيأخذه فما يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به كما فعل المرة الأولى ، قال : قلت : سبحان الله ما هذا ؟ قال : قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلقيا لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد وإذ هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به كما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى [ ص: 382 ] يصح الأول كما كان ، ثم يعود فيفعل به كما فعل المرة الأولى ، قال : قلت : يا سبحان الله ! ما هذا ؟ قالا : انطلق انطلق ، فانطلقت فأتينا على مثل بناء التنور ، قال عوف : وأحسب أنه قال : فيه لغط وأصوات رجال ونساء ، وإذا هم يأتيهم لهب أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ، قال : قلت : ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقنا فأتينا على نهر - حسبت أنه قال - أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر رجل يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك الرجل السابح يسبح ما يسبح ، ثم يأتي ذلك الذي جمع الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا ، قال : قلت : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة ، وإذا هو عند نار له يحشها ويسعى حولها ، قال : قلت لهما ما هذا ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقنا فأتينا على روضة معشبة فيها من كل نور الربيع ، وإذا بين ظهراني الروضة رجل قائم طويل ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط ، وأحسبه قال : قلت : لهما ما هذا أو ما هؤلاء ؟ قال : فقالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقنا فأتينا إلى درجة عظيمة لم أر درجة قط أعظم منها ولا أحسن ، قال : قالا لي : ارق فيها ، قال : فارتقيت ، فأتينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا ، فدخلنا فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر من خلقهم كأقبح ما أنت راء ، قال : قالا لهم : اذهبوا فقعوا أو فقعوا في ذلك النهر ، فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ، [ ص: 383 ] ثم رجعوا إلينا وقد ذهب ذلك السوء عنهم ، وصاروا في أحسن صورة ، قال : فقالا لي : هذه جنة عدن ، وهذاك منزلك ، قال : فسما بصري صعدا ، فإذا قصر مثل الربابة البيضاء ، قال : قالا لي : هذا منزلك ، قال : قلت : بارك الله فيكما ذراني فأدخله ، قال : قالا لي : أما الآن فلا ، وأنت داخله ، قال : قلت : فإني رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت ؟ قالا لي : أما إنا سنخبرك . أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر ، فإنه رجل يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلاة المكتوبة ، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه وعينه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فالرجل الذي يغدوا من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ، وأما الرجال والنساء العراة الذي في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني ، وأما الرجل الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا ، وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار فإنه خازن جهنم ، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة ، وأما القوم الذين شطر منهم حسن ، وشطر منهم قبيح فهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم تبارك وتعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية